للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلماء إلى موضع أخرى استعمل "ابن مسعود" فيها كلمة "عتى" في موضع "حتى" الواردة في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، كما أننا لم نجد في كتب اللغة المتقدمة إشارة إلى استبدال هذيل حرف العين بحرف الحاء. ونظرية "فحفحة" هذيل، رأي متأخر لم يقرن بأدلة وأمثلة، فهو رأي لا يمكن الأخذ به١.

وأظن أن هذه القراءة المنسوبة إلى "ابن مسعود"، هي من القراءات المتولدة من حدوث اشتباه في القراءة، من جراء عدم حصول التمييز بين "العين" و"الحاء" في "حتى". ووقوع الاشتباه بين الحرفين في ابتداء الكلمات، أمر ليس بصعب، وإلا فَلِمَ انفرد ابن مسعود في هذا الموضع فقط، باستعمال "عتى"، ولم يستعملها في المواضع الأخرى وهي كثيرة في القرآن الكريم؟

نعم، لقد ورد في روايات أن ابن مسعود قرأ "نحم" بدلًا من "نعم" في القرآن الكريم٢،وأنه قرأ "بُحثرَ" عوضًا عن "بُعْثرَ"٣. وهذه الروايات تناقض الروايات السابقة التي تزعم أنه قرأ "عتى" في موضع "حتى" في الآية المذكورة، إذ نجده في هذه الروايات يقرأ "العين" حاء، أي: عكس تلك القراءة المنسوبة إليه. ثم إنّ المفسرين وعلماء القراءات، لم يشيروا إلى قراءات أخرى له من هذا النوع قلب فيها حرف العين حاء مع تعدّد ورود حرف العين في القرآن الكريم.

وهناك روايات تفيد أن أسدًا وتميمًا استعملوا حرف الحاء في موضع العين في بعض الحالات، فقالوا: "مَحَهُمْ" بدلًا "معَهُم" و"أأحهد" في موضع "أأعهد"٤. ولكنها لم تشر إلى أمثلة أخرى من هذا القبيل. وهذان المثالان لا يكفيان بالطبع لإعطاء حكم في هذا الإبدال عند القبيلتين. ولكن هنالك رواية متأخرة لا نعرف مرجعها تفيد أن هذا الإبدال واقع في لهجة سعد بن بكر، وهي قبيلة تقع مواطنها في شمالي المدينة٥. ولكن ما صلة ابن مسعود بهذه القبيلة وهو


١ Rabin, P. ٨٥
٢ المغني "٢/ ٢٥".
٣ {أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُور} ، العاديات، الرقم١٠٠، الآية٩، Rabin, p. ٨٥. Beck, in Orientalia, vol., XV, ١٨٢
٤ Rabin, P. ٨٥
٥ المصدر نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>