للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأهل نجد وبادية الشأم، وعرب العراق وبلاد الشأم والحجاز، كانوا هم المتكلمين بهذه العربية التي تعرّف النكرة بأداة التعريف "ال"، وذلك قبل الإسلام، أما المواطن الأخرى، فلها لهجاتها الخاصة، وبينها لهجات تأثرت بخصائص مجموعة "ال". وقد غلب الإسلام هذه العربية على اللهجات الأخرى، فصارت الأكثرية تتكلم بها، إلا في المواضع المنعزلة، التي بقيت شبه مستقلة، حيث احتفظت ببعض خصائص لهجاتها القديمة، كالذي نراه اليوم في مهرة وفي الشحر وفي مواضع أخرى من العربية الجنوبية التي تتكلم بلهجات لا نفهمها عنهم هي من بقايا اللهجات الجاهلية.

وللوقوف على خصائص اللهجات المكونة لعربية الـ"ن" "ان"، أرى أن من الضروري وجوب إرسال بعثات علمية إلى العربية الجنوبية لدراسة اللهجات المحلية، وهي عديدة وتسجيلها على الأشرطة من أفواه المتكلمين بها، ولدراسة قواعدها النحوية والصرفية وأصول نظم الشعر عند المتكلمين بها، وتفيدنا دراسة نظم الشعر خاصة عند العرب الجنوبيين الحاليين فائدة كبيرة في الوقوف على أسس نظم الشعر عندهم أيام الجاهلية، وعلى الفروق الكائنة بين نظمهم قبل الإسلام، ونظم بقية العرب الجاهليين. ولا بد أيضًا من مقارنة نظمهم في الوقت الحاضر، بنظم الأعراب في المملكة العربية السعودية، للوقوف على الفروق بين النظمين، وستكون هذه الفروق هاديًا لنا في الوقوف على الفروق التي كانت بين النظم عند شعراء الجاهلية في بلاد الشام والعراق ونجد والبحرين واليمامة والحجاب والعربية الجنوبية.

وسوف تساعدنا دراسة لهجات المملكة الأردنية الهاشمية، المملكة التي كانت تعرف بـ"ادوم" في التأريخ، وكذلك لهجات أعالي الحجاز في الوقت الحاضر، فائدة كبيرة في الوقوف على خصائص لهجة عربية الـ"هـ" "ها"، وفي استنباط قواعدها منها. فلا بد وأن تكون في اللهجة "البلقاوية"١، وفي اللهجات المحلية الأخرى بقايا من تلك اللغة، مندمجة مع عربية "ال" التي تغلبت على لسانهم منذ الفتح الإسلامي الذي بدأ لتلك البلاد عام "٦٣٣" للميلاد٢. ولا بد من دراسة


١ نسبة إلى البلقاء.
٢ Andrzej Czapkiewicz, Sprachproben Aus Madaba, Polska Akademia Nauk, Krakow, ١٩٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>