للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قائل: قوم ارتفعوا عن لخلخانية الفُرات، وتيامنوا عن عنعنة تميم وتياسروا عن كسكسة بكر، ليس لهم غمغمة قضاعة ولا طمطمانية حمير. قال: من هم؟ قال: قريش"١.

وقد تحدث "الجاحظ" عن أثر المحيط في تكوين اللغة، فقال: "وكاختلاف ما بين المكّي والمدني، والبدويّ والحضري، والسهلي والجبلي، وكاختلاف ما بين الطائي الجبلي والطائي السهلي، وكما يقال: إن هذيلًا أكراد العرب، وكاختلاف ما بين من نزل البطون وبين من نزل الحُزون، وبين من نزل النجود وبين من نزل الأغوار.

وزعمت أن هؤلاء وإن اختلفوا في بعض اللغة، وفارق بعضهم بعضًا في بعض الصور، فقد تخالفت عُليا تميم، وسفلى قيس، وعجز هوازن وفصحاء الحجاز، في اللغة، وهي في أكثرها على خلاف لغة حمير، وسكان مخاليف اليمن، وكذلك في الشمائل والأخلاق. وكلهم مع ذلك عربي خالص، غير مشوب ولا معلهج ولا مذرّع ولا مزلج. ولم يختلفوا اختلاف ما بين بني قحطان وبني عدنان، من قبل ما طبع الله عليه تلك البرية من خصائص الغرائز، وما قسم الله تعالى لأهل كل جيزة من الشكل والصورة ومن الأخلاق واللغة"٢.

فرأى "الجاحظ" أن بين العدنانيين والقحطانيين فروقًا كبيرة في اللغة، غير أن بين كل مجموعة من هاتين المجموعتين فروقًا لغوية، كالذي أورده من أمثلة على الفروق التي تكون بين من ينزل الجبال، أو من ينزل السهول، وبين من ينزل النجود، ومن ينزل الأغوار، ثم الخلافات التي تقع بين بطون القبائل عند تشتتها وتفرقها. ثم تحدث عن لغة عليا تميم، وسفلى قيس، وعجز هوازن، ولغات أهل الحجاز، وهي قبائل تحدث عنها علماء اللغة.

وقد ذكر "الرافعي" أن "الفصاحة اشتهرت في مضر، حتى عُرفت اللغة بالمضرية، ومن أشهر قبائلها كنانة -ومن بطونها قريش- ثم تميم، وقيس، وأسد، وهذيل، وضبّة، ومزينة"٣. وقال أيضًا: "وأفصح القبائل الذين


١ الجاحظ "٣/ ٢١٣".
٢ رسائل الجاحظ "١/ ١٠ وما بعدها"، "مناقب الترك".
٣ الرافعي، تأريخ آداب العرب "١/ ١٢٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>