للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقولون: وإنما قال ذلك لبيد، لقول قس:

هل الغيب معطي الأمن عند نزوله ... بحال مسيء في الأمور ومحسن

وما قد تولى فهو لا شك فائت ... فهل ينفعني ليتني ولعلني

ونسبوا إليه أبياتًا من الشعر١.

وورد أن "الجارود بن عبد الله" من "بني عبد القيس"، وكان سيدًا في قوه لما قدم على رسول الله، وأسلم مع قومه، قال له الرسول: "يا جارود هل في جماعة وفد عبد القيس من يعرف لنا قسًّا؟ " قالوا: كلنا نعرفه يا رسول الله، وأنا من بين يدي القوم كنت أقفو أثره. كان من أسباط العرب فصيحًا، عمَّر سبعمائة سنة، أدرك من الحواريين سمعان، فهو أول من تأله من العرب، كأني أنظر إليه يقسم بالرب الذي هو له ليبلغن الكتاب أجله وليوفين كل عامل عمله، ثم أنشأ يقول:

هاج للقلب من جواه ادّكار ... وليالٍ خلا لهنّ نهارُ

في أبيات آخرها:

والذي قد ذكرتُ دل على الله ... نفوسًا لها هدى واعتبار

فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: "على رسلك يا جارود، فلست أنساه بسوق عكاظ على جمل أورق، وهو يتكلم بكلام ما أظن أني أحفظه". فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله، فإني أحفظه: كنت حاضرًا ذلك اليوم بسوق عكاظ فقال في خطبته: يا أيها الناس، اسمعوا وعوا، فإذا وعيتم فانتفعوا، إنه من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، إلى آخر ما أورده من الوعظ"٢.

و"الجارود"، هو "بشر بن عمرو بن حنش بن النعمان"، وقيل: هو


١ المرزباني، معجم "ص٣٣٨".
٢ الخزانة "٢/ ٨٩"، سيرة ابن سيد الناس "١/ ٦٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>