للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه أيضًا، فقد ذكروا أنه قال: "تعلموا إعراب القرآن تعلمون حفظه"١، وأنه قال: "تعلموا الفرائض والسنن واللحن، كما تعلمون القرآن"٢. ويظهر أن الكتاب قد صحفوا في خبر "عمر"، فخلطوا بين "اللَّحن" و"النحو"، وعلى تلك فإن بين اللفظين صلة. وإذا صح خبر "الجاحظ"، واعتبرنا لفظة "النحو" لفظة صحيحة غير محرفة، دلت على وجود هذه التسمية علمًا لهذا العلم في أيامه، وقبل أيامه، أي في أيام الجاهليين.

والجمهور من أهل الرواية أن النحو علمٌ ظهر في الإسلام. ظهر بظهور الحاجة الماسة إليه لضبط اللسان وصيانته من الخطأ، ولتعليم الأعاجم نمط الكلام بالعربية. ورجع أكثرهم مصدره وأساسه إلى الإمام "علي بن أبي طالب"، ويقولون إن أبا الأسود الدؤلي "٦٩هـ" أخذ هذا العلم عنه. وأن الإمام ألقى عليه شيئًا من أصول النحو. فاستأذن التلميذ أستاذه أن يصنع نحو ما صنع، فأذن له به، فسمى ذلك نحوًا ٣. وذكر بعضهم أن الإمام دفع إلى أبي الأسود رقعة مكتوبًا فيها: "الكلام كله اسم وفعل وحرف، فالاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبئ به، والحرف ما أفاد معنى. وأعلم أن الأسماء ثلاثة: ظاهر، ومضمر، واسم لا ظاهر ولا مضمر، وإنما يتفاضل الناس فيما ليس بظاهر ولا مضمر. ثم وضع أبو الأسود بابي العطف والنعت ثم بابي التعجب والاستفهام، إلى أن وصل إلى باب إن وأخواتها ما خلا "لكن" فلما عرضها على عليٍّ أمره بضم "لكن" إليها، وكلما وضع بابًا من أبواب النحو عرضه عليه"٤. وذكر بعض آخر أن أول من أسس العربية وفتح بابها، وأنهج سبيلها، ووضع قياسها، أبو الأسود الدؤلي، وضع العربية "حين اضطرب كلام العرب فغلبت السليقة، فكان سراة الناس يلحنون، فوضع باب الفاعل والمفعول والمضاف وحروف الجر والرفع والنصب،


١ الزينة "١١٧ وما بعدها".
٢ الأمالي، للقالي "١/ ٥"، الإتقان "٢/ ٢٦٠".
٣ الفهرست "٦٦"، الروض الأنف "١/ ٦٩" ابن خلِّكان "١/ ٦٦٢"، الحلبي، الزبيدي، طبقات "١٣ وما بعدها"، الفائق "١/ ٦١١"، طبقات، ابن سلام "٥". ياقوت إرشاد "٤/ ٢٨٠"، المثل السائر "٧".
٤ ضحى الإسلام "٢/ ٢٨٥"، "القاهرة ١٩٦١"، ابن الأنباري، نزهة "٤ وما بَعْدَهَا".

<<  <  ج: ص:  >  >>