للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَوَاحٍ مُهِمَّةٌ منَ التَّأريخِ الجاهِلِي.

رحل "الأعشى" إلى الغساسنة ملوك عرب الشأم، وإلى المناذرة ملوك عرب العراق، وإلى "قيس بن معد يكرب"، وإلى "ذي فائش" في اليمن، وإلى "بني الحارث بن كعب" في نجران، فمدحهم ونال عطاءهم، وأقام عندهم يسقونه الخمر ويسمعونه الغناء الرومي١، مما يدل -إن صح هذا الخبر- على تأثر سادة نجران بالثقافة الرومية، التي ربما أخذوها عن طريق ارتباطهم بالروم بروابط النصرانية، وعلى وجود جالية من الروم في نجران أو رجال دين من الروم، عينتهم الكنيسة لتعليم الناس أمور الدين، فقد كان الروم يرسلون رجال دينهم إلى هذه المواضع وإلى غيرها للتبشير، ولأغراض سياسية في الوقت نفسه.

ونجد في شعر "الصعاليك" أسماء المواضع التي غزوها، والطرق التي سلكوها في طريقهم إلى الغارات، أو في طرق عودتهم منها إلى دارهم، ونظرًا إلى كثرة تنقلهم وخبرتهم بالمواضع، وبأبعادها وبأصحابها، لما في هذه الخبرة من العلاقة بنجاح سوقهم وتجارتهم، أفادتنا إشارتهم إلى المواضع والقبائل فائدة كبيرة إذا حصلنا بواسطتها على معارف عن أحوال أهل الجاهلية، ساعدتنا في سد بعض الثلم الكثيرة من ثلم بنيان التأريخ الجاهلي.


١ الأغاني "٦/ ٣٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>