للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نزر يسير، أخذ من بحوث أفراد ومن بحوث عرضية حُصِلَ عليها عند البحث عن البترول، وأملنا في زيادة علمنا بتلك العهود هو في قيام بعثات علمية بالبحث عن الآثار والعاديات لاستنطاقها عن أحوال تلك العهود. وليس أمامنا بعد هذه المقدمة إلا الدخول في العصور المعروفة التي وصل إلينا بعض أخبارها في الكتابات وفي الموارد الأخرى.

وقد كان لأعمال الحفر التي قامت بها بعثة "دانماركية" أرسلها متحف ما قبل التأريخ في "Aarhus" بالدانمارك, فضل كبير في الكشف عن صفحات مطوية من تأريخ سواحل الخليج. فقد تمكنت هذه البعثة من العثور على آثار من عهود ما قبل العصور التأريخية في البحرين وقطر و"أبي ظبي"، كما تعقبت آثار السكنى القديمة في البحرين وعمان وبقية الساحل، وعثرت على معابد قديمة مثل معبد "بربر" "باربار" في البحرين و"تل قلعة البحرين" في البحرين، وتوصلت بذلك إلى نتائج قيمة جدًّا رجعت بتأريخ هذه البلاد إلى عصور بعيدة جدًّا عن الميلاد، وكان من أعمالها الكشف عن آثار "فيلكا" في الكويت.

وقد تبين من دراسة البعثة الدانماركية لآثار معبد "بربر" "باربار" في البحرين أنه معبد عتيق, يرجع عهده إلى حوالي السنة "٣٠٠٠ ق. م." أو أقدم من ذلك١, وأنه كان معبدًا كبيرًا به "بئر" مقدسة يستقي منها المؤمنون للتبرك بمائها ولتطهير أجسامهم ولإجراء الشعائر الدينية. ويلاحظ أن الباحثين تمكنوا من العثور على آبار مقدسة في بيوت العبادة الكبرى عند الجاهليين، وهذا يدل على أن معابدهم الكبيرة كانت ذات آبار مقدسة يشربون منها للتبرك والشفاء ولتطهير أجسامهم، شأنهم في ذلك شأن أهل مكة و"زمزم".

لقد وجدت هذه البعثة تحت أنقاض "تل القلعة" في البحرين بقايا مدينة قديمة يمكن أن تعد من مدن الجزيرة الكبيرة أو عاصمتها، يرجع تأريخها إلى حوالي السنة "٢٥٠٠ ق. م.", وكانت مسورة بسور ارتفاعه "١٦" قدمًا عن سطح الأرض، بُنِيَ بالحجارة، وقد بنيت به قلعة لحمايته من هجوم الأعداء، وعثر على باب المدينة، وقد زينت ببناء مربع الشكل. ويقال: إن الملك "سرجون" الأكادي كان قد أمر بإحراقها سنة "٢٣٠٠ ق. م." حتى صارت ركامًا،


١ Grohmann, Arabien, S., ٢٦٦

<<  <  ج: ص:  >  >>