للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٦١

ولا أحسب أحدًا من علمائنا استغرق شعر قبيلة حتى لم يفته من تلك القبيلة شاعر إلا عرفه، ولاقصيدة إلا رواها"١.

وورد عن أبي عبيدة قوله: إن ابن دؤاد بن مُتَمِّم بن نُوَيرَةَ قدم البصرة في بعض ما يقدم له البدوي من الجلب والميرة، فأتيته أنا وابن نوح، فسألناه عن شعر أبيه متمم، وقمنا له بحاجته، فلما فقد شعر أبيه جعل يزيد في الأشعار، ويضعها لنا، وإذا كلام دون كلام متمِّم، وإذا هو يحتذي على كلامه، فيذكر المواضع التي ذكرها متمم، والوقائع التي شهدها، فلما توالى ذلك علينا علمنا أنه يفتعله"٢.

وقد ينسب قوم شعرًا لشاعر، بينما ينسبه قوم لشاعر آخر، وقد يختلف في ذلك أهل البادية عن أهل الحاضرة، فقد روي مثلا أن أهل البادية من بني سعد يروون البيت:

تعدو الذئاب على من لا كلاب له

وتتقي مريض المستنفر الحامي

للزبرقان بن بدر، بينما يرويه غيرهم للنابغة. وقد ذكر الرواة، أن من المحتمل أن يكون الزبرقان استزاده في شعره كالمثل حين جاء موضعه لا مجتلبًا له، وقد تفعل ذلك العرب، لا يريدون به السرقة٣. وقد حدث مثل ذلك في بيت شعر هو لأبي الصلت بن أبي ربيعة، هو:

تلك المكارم لا قعبان من لبن

شيبا بماء فعادا بعد أبوالا

بينما ترويه بنو عامر لنابغة الجعدي٤.

ونسب:

وبعد غد، يالهف نفسي من غد ... إذا راح أصحابي ولست برائح

إلى هدبة بن خشرم، وعزاه آخرون إلى أبي الطمحان من


١ الشِّعْرُ والشُّعَرَاءُ "٨".
٢ الْمُزْهِرُ "١/ ١٧٥"، ابن سلام، طبقات "١٤".
٣ ابن سلام، طبقات "١٧".
٤ ابن سلام، طبقات "١٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>