للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن خلفاء بني أمية كانوا إذا أشكل عليهم مشكل في الشعر سألوه، وأنهم كانوا يكتبون إلى عمالهم بإرساله إليهم لاستفتائه في أمر شعر جاهلي أشكل خبره عليهم وعلى من عندهم من أهل العلم بالشعر. من ذلك ما رووه عن حماد قوله: "كان انقطاعي إلى يزيد بن عبد الملك بن مروان في خلافته. وكان أخوه هشام يجفوني لذلك، فلما مات يزيد وأفضت الخلافة إلى هشام خفته ومكثت في بيتي سنة لا أخرج إلا لمن أثق به من أخواني سرًّا، فلما لم أسمع أحدًا ذكرني في السنة أمنت وخرجت وصليت الجمعة في الرُّصافة، فإذا شرطيَّان قد وقفا علي وقالا: يا حماد أجب الأمير يوسف بن عمر الثقفي، وكان واليًا على العراق. فقلت في نفسي من هذا كنت أخاف. ثم قلت لهما تدعاني حتى آتي أهلي وأودعهم ثم أسير معكما! فقالا: ما إلى ذلك من سبيل. فاستسلمت في أيديهما، ثم صرت إلى يوسف بن عمر، وهو في الإيوان الأحمر، فسلمت عليه، فرد على السلام ورمى إيى بكتاب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله هشام أمير المؤمنين إلى يوسف بن عمر. أما بعد، فإذا قرأت كتابي هذا فابعث إلى حماد الرواية من يأتيك به من غير ترويع، وادفع له خمسمائة دينار وجَمَلا مهريًّا يسير عليه ثنتي عشرة ليلة إلى دمشق. فأخذت الدنانير ونظرت، فإذا جمل مرحول فركبت وسرت حتى وافيت دمشق في ثنتي عشرة ليلة، فنزلت على باب هشام، واستأذنت فإذن لي فدخلت عليه وهو جالس على طنفسة حمراء وعليه ثياب من حرير أحمر وقد ضمخ المسك، فسلمت عليه، فردَّ علي السلام، واستدناني فدنوت منه حتى قبَّلت رجله، فإذا جاريتان لم أرَ أحسن منهما قط. فقال: كيف أنت وكيف حالك؟ فقلت بخير يا أمير المؤمنين. فقال: أتدري فيما بعثت إليك؟ فقلت: لا. قال: بعثت إليك بسبب بيت خطر ببالي لا أعرف قائله. قلت: وما هو يا أمير المؤمنين؟ قال:

ودعوا بالصبوح يوما فجاءت ... قينة في يمينها إبريق

فقلت يقوله عدي بن زيد "؟ " العبادي في قصيدة. قال: أنشدنيها، فأنشدته:

بكر العاذلون في وضح الصبـ ... ـح يقولون لي أما تستفيق

ويلومون فيك يابنة عبد الله ... والقلب عنكم موثوق

لست أدري إذا كثر العذل فيها ... أعذول يلومني أم صديق

<<  <  ج: ص:  >  >>