للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإليهما ينصرف الذهن، لما للوليد من ولع بالشعر، ولما لحماد من علم به.

ولم يشر "البغدادي" صاحب "خزانة الأدب" إلى اسم المورد الذي استقى منه خبره عن طرح "عبد الملك" شعر أربعة من أصحاب المعلقات، وإثباته أربعة مكانهم. كما أنه لم يشر إلى أسماء أصحاب المعلقات الذين طرحت معلقاتهم، ولا إلى أسماء الشعراء الأربعة الذين أثبتت قصائدهم مكان القصائد الأربع المطروحة.

وروي أن "معاوية"، تذكر قصيدة "عمرو بن كلثوم"، وقصيدة "الحارث بن حلزة" فقال "قصيدة عمرو بن كلثوم، وقصيدة الحارث بن حلزة، من مفاخر العرب، كانتا معلقتين بالكعبة دهرا"١.

والمعروف اليوم، أن حمادا الراوية، هو الذي جمع القصائد السبع المذكورة، وأذاعها بين الناس. وهو من حفظة الشعر ورواته وممن اشتهروا وعرفوا برواية الشعر القديم. وكان من المتكسبين بالشعر. وقد اتهم بالوضع وبالدس على الجاهليين وبالكذب عليهم: وهو نفسه لم ينكر ذلك، ولم يبرئ نفسه من الدس على الجاهليين والوضع عليهم. ولكنه كان بإجماع أنصاره وخصومه من أفرس الناس بالشعر، ومن أعلمهم بالشعر الجاهلي وبطرقه ودروبه وأساليبه، ولعل علمه هذا بالشعر، ورغبته في التفوق والتصدر على أقرانه المتعيشين مثله على رواية الشعر، كانا في رأس الأسباب التي حملته على الوضع والدس والافتعال.

ووضع "المفضل" الضبي قصيدتي النابغة والأعشى مكان قصيدتي عنترة والحارث بن حلزة اليشكري في الاختيارت الشهيرة للمعلقات. وضم "أبوجعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل" النحوي قصيدتي النابغة والأعشى على اختيارات "حماد" فصار العدد تسع معلقات، أضاف عليها بعض العلماء قصيدة "عبيد بن الأبرص" فصارت عشرا، وقد شرحها "التبريزي"٢. وجعل بعضهم العدد ثمانية. ولكن المشهور المعروف بين علماء الشعر الجاهلي أنها سبع قصائد: وهي في رأيهم أفضل ما قيل من الشعر في زمان الجاهلية٣.

ولأهل الأخبار قصص وحكايات عن سبب تسمية المعلقات بالمعلقات. فذكر


١ الخزانة "٣/ ١٦٢".
٢ بروكلمان، تأريخ الأدب العربي "١/ ٦٨"، شرح التبريزي "٤٥"، "طبعة محمد محيي الدين عبد الحميد".
٣ العقد الفريد "٣/ ٩٣"، ابن خلدون "١/ ٥٠٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>