للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وختموا حياته بخاتمة مؤلمة مفجعة، وقالوا إنه عرف بـ "ذي القروح"، لأن ملك الروم كساه حلة مسمومة فقرحته١، أو لقوله:

وبدلت قرحًا داميًا بعد صحة ... لعل منايانا تحوَّلن أبؤسا٢

ويرى "بروكلمان" أن قصة موت "امرئ القيس"، بسبب الحلة المسمومة، أسطورة تشبه الأسطورة التي حصلت لهرقل البطل اليوناني الشهير٣.

ودعوه بـ "الملك الضلِّيل"، و "الملك المضلل"٤. وذكروا أنه سعى وجدّ لإعادة ملك والده، ولكنه باء بالفشل، وكان آخر ما فعله في هذا الباب، أن ذهب إلى "القسطنطينية" لمقابلة "قيصر" لإقناعه بمساعدته في الحصول على حقه، وتقويته لينتقم من قتلة والده، وليعيد الحكم إلى كندة، فكان مصيره أن جاءه الموت وهو في طريقه، على نحو ما تقصه علينا قصص أهل الأخبار.

وما قصة موته من قروح أصيب بها من لبسه الحلة المسمومة، إلا أسطورة. ويرى "بروكلمان" احتمال ظهورها من سوء فهم الأبيات ١٢-١٤ من القصيدة "٣٠" من ديوانه. ولعل هذه القصة هي التي أوجدت له اللقب الذي لقب به، وهو "ذو القروح". وأنا لا أستبعد احتمال إصابته بدمامل أو بمرض جلدي آخر، قرحت جلده، ومات منها، فعرف لذلك بـ "ذي القروح"، وأوجدت له قصة الحلة المسمومة على نحو ما أوجدته مخيلة أهل الأخبار.

ويذكر أهل الأخبار أن "امرأ القيس" لما احتضر بأنقرة، نظر إلى قبر فسأل عنه، فقالوا قبر امرأة غريبة، فقال:


١ المستطرف "٢/ ٣٥"، سرح العيون، لابن نباتة "١٨١"، "بولاق"، العمدة "١/ ٤١ وما بعدها، ٩٧"، شرح القصائد العشر "٧/ ٤٦"، المؤتلف والمختلف، للآمدي "٩ وما بعدها" قال الفرزدق:
وهب القصائد لي النوابغ إذ مضوا ... وأبو يزيد وذو القروح وجرول
ديوان الفرزدق "٧٢٠ وما بعدها"، النقائض "٢٠٠ وما بعدها".
٣ شرح المعلقات العشر وأخبار شعرائها، للشيخ أحمد بن الأمين الشنقيطي "ص٥" "طبعة دار الأندلس".
٤ تاج العروس "٧/ ٤١٢"، "ضلل"، الخزانة "١/ ١٦٠"، "بولاق".

<<  <  ج: ص:  >  >>