للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين الناس. ففعل، وذبح ناقته الوحيدة وأكرمه مع بناته غاية الإكرام، فلما علم الأعشى بسوء حاله، أعد له قصيدة، ألقاها في عكاظ، مطلعها:

لعمري لقد لاحت عيون كثيرة ... إلى ضوء نار في يفاع تحرق

فلما رأى الناس "المحلق"، وقد حياه الأعشى، أقبل الناس يخطبون منه بناته، فما قام من مقعده حتى خطبت بناته جميعا١.

ولعل خفة عروض شعر الأعشى ومرونته، وما في شعره من ترنيم ورنين، وما فيه من سهولة، تدل على براعة في الشعر، هي التي حملت بعض علماء الشعر على تقديمه على غيره، أو على رفع مكانته بوضعه في طبقة الشعراء الفحول من الطبقة الأولى، غير أن من العلماء من انتقد شعره، وانتقد إكثاره من إدخال الألفاظ الأعجمية في نظمه٢.

وكان للأعشى راوية اسمه "عبيد"، كان يصحبه ويروي شعره، وكان عالما بالإبل. ومنه أخذ الرواة أخبار الأعشى وشعره. وكان "سماك" أحد الرواة المتصلين به، وعنه أخذ "حماد" الراوية أخباره عن الأعشى. وعنه أيضا أخذ "شعبة بن الحجاج" أخباره عن "الأعشى". وعن "شعبة" روى "مؤرج بن عمرو السدوسي" "أبو فيد" أحد علماء البصرة المتوفى سنة "١٩٥هـ". وعنه أخذ "الرياشي" أخباره عن "الأعشى". و "الرياشي" هو "أبو الفضل" العباس بن الفرج مولى سليمان بن علي الهاشمي. وكان عالما باللغة والشعر كثير الرواية عن "الأصمعي". وقد توفي الرياشي سنة "٢٥٧هـ"٣.

وقد شك علماء الشعر في صحة نسب بعض الشعر إلى "الأعشى". فقد روى "أبو عبيدة" أن "أباعمرو بن العلاء" زاد بيتا على قصيدة:

بانت سعاد وأمسى حبلها انقطعا ...

واحتلت الغمر فالجدين فالفرعا

وهو البيت الثاني من هذه القصيدة. وروى غيره أن "حماد" الراوية، هو


١ الخزانة "٣/ ٢١١ وما بعدها"، "بولاق".
٢ الموشح "٤٩ وما بعدها"، بروكلمان، تأريخ الأدب العربي "١/ ١٤٩".
٣ الشعر والشعراء "١/ ١٨١"، الفهرست "٩٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>