للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي قصيدته:

لحا الله صعلوكا إذا جن ليله ... مصافي المشاش آلفا كل مجزر

يعد الغنى من دهره كل ليلة ... أصاب قراها من صديق ميسر

ينام عشاء ثم يصبح طاويا ... يحبُّ الحصى عن جنبه المتعفر

قليل التماس الزاد إلا لنفسه ... إذا هو أمسى كالعريش المجور

يعين نساء الحي ما يستعنَّه ... فيمسي طليحا كالبعير المحسر

ولكن صعلوكا صحيفة وجهه ... كضوء شهاب القابس المتنور

مطلا على أعدائه يزجرونه ... بساحتهم زجر المنيح المشهر

فإن يعدوا لا يأمنون اقترابه ... تشوف أهل الغائب المتنظر

فذلك إن يلق المنية يلقها ... حميدا وإن يستغن يوما فأجدر١

معان سامية، تعبر عن نفسية إنسانية، وعن عطف على الفقير والمحتاج والنساء "وصف فيها فضيلة الفقير الحر الباسل وذم الذي يستأجر شغله"٢.

وفي شعر "عروة" إشارة إلى الموت، فهو يرى أن الحياة أجل، وأن الإنسان غير خالد في هذه الدنيا، حياته قصيرة، ثم يكون أحاديث للناس. إذا جاء أجله خرجت منه هامة تعلو كل نشز:

أحاديث تبقى والفتى غير خالد ... إذا هو أمسى هامة فوق صير

تجاوب أحجار الكناس وتشتكي ... إلى كل معروف رأته ومنكر

ثم تجاوب هذه الهامة أحجار الكناس، وتشتكي إلى كل معروف تراه ومنكر. أي تصوت في كل حال إذا رأت من تعرف ومن تنكر٣.

والموت ملازم للإنسان، وهو ثغر كل ثنية، ولامفر منه:

وأن المنايا ثغر كل ثنية ... فهل ذاك عما يبتغي القوم محصر

وغبراء مخشي رداها مخوفة ... أخوها بأسباب المنايا مغرر٤


١الخزانة "٤/ ١٩٦"، "بولاق".
٢ كارلو نالينو "٧٩".
٣ ديوانه "٦٦ وما بعدها".
٤ ديوان "٧٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>