للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صارت حنيفة أثلاثا فثلثهم ... من العبيد وثلث من مواليها١

وذلك تعبيرا عن كثرة من كان في اليمامة من العبيد والموالي الذين لعبوا دورا كبيرا في اقتصاد اليمامة، حيث شغلوا في الزراعة وفي الرعي وفي استغلال المعادن والصناعة، وإنشاء القرى، حتى صارت أرضها بين قري وأرض استغلت بزرعها سيحا، أي على مياه الأمطار. وأما القرى، فقد أقيمت على الآبار والعيون والمياه الجارية وعلي حافات الأودية. وقد حفر الرقيق أكثر هذه الآبار، كما استغلت الآبار العادية، أي الآبار القديمة التي تنسب إلى ما قبل مجيء قبائل "ربيعة" إلى اليمامة. ونجد في الكتب التي وصفت اليمامة ذكرا لمواضع كثيرة، توفرت بها المياه، فصارت أرضين خصبة، مونت اليمامة وغيرها بالحنطة والتمور والخضر.

وكان جل أهل "اليمامة" عند ظهور الإسلام من "بكر بن وائل"، وبكر بن وائل من "ربيعة"، فهم ليسوا من "مضر" أذن، الذين أخذ عنهم علماء العربية اللغة في الإسلام. فقوم الأعشى، وهم "بنو قيس بن ثعلبة" من بكر بن وائل، وبنو حنيفة، وهم قوم "مسيلمة" من بني لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل"٢، فإلى ربيعة كانت الغلبة في هذا العهد، وأما بطون "تميم" التي كانت تقيم في مناطق من اليمامة، فلم تكن تكوّن الكثرة إلى جانب ربيعة، وتميم من مضر في عرف أهل الأخبار.

واليمامة إقليم مشهور عرف بعذوبة مياهه، وبخصبه وبكثرة قراه، وباشتغال أهله بالزراعة، وزراعة النخيل والأشجار المثمرة والحنطة، كما عرف بتربيته للإبل والبقر والغنم، ولذلك وفرت اللحوم به، وقد استقر أهله، وصاروا حضرا وأشباه حضر، ولعل لصلتهم باليمن ولنزوح أهلها القدامى من اليمن، وهم أهل زرع وضرع، ثم توفر الماء والتربة الخصبة في اليمامة، جعلت كل هذه الأمور أهلها حضرا على مستوى عال من الحياة بالنسبة إلى من كان يقيم في البوادي من القبائل، اعتمدوا في الدفاع عن أنفسهم على الحصون والبتل التي لا تزال آثار بعضها قائمة إلى هذا اليوم، فكانوا إذا بوغتوا بهجوم، أسرعوا إلى بتلهم وقصورهم، فتحصنوا بها. وهي من أهم ما يميز أهل الحضر عن


١ الخزانة "٢/ ٣٠٠"، "بولاق".
٢ تاج العروس "٦/ ٧٨"، "حنيف".

<<  <  ج: ص:  >  >>