للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قتلوا الحبشة، ومدح "سيف بن ذي يزن"، وهنأه فيها لتوليه الملك١، وقد أشار فيه إلى قصة "سيف"، وكيف ذهب إلى "هرقل" يستنجده على الحبشة، فلم يجد عنده ما طلب، ثم كيف ذهب إلى "كسرى"، وبقي عند بابه تسع سنوات حتى أمده بالجنود وعلي رأسهم باذان ووهرز، إلى أخر القصة التي ترد في كتب الأخبار والتواريخ. وقد نسبها بعض الرواة إلى ابنه "أمية".

وأمية بن أبي الصلت من الشعراء الذين رغبوا عن عبادة الأوثان وآمنوا بالله والبعث، ووقف على كتب أهل الكتاب فتأثر بها، وكان يجالسهم ويختلط بهم. وكان أبوه شاعرا، وروى رواة الشعر شيئا من شعره، وكان ابنه "القاسم بن أمية بن أبي الصلت" شاعرا كذلك وله صحبة. وذكر أن العرب اتفقت على أن "أمية" كان أشعر ثقيف٢.

ذكر أنه كان في الجاهلية نظر الكتب وقرأها ولبس المسوح وتعبد أولا بذكر إبراهيم وإسماعيل والحنيفية وحرم الخمر وتجنب الأوثان. ولما ظهر الإسلام حسد النبي، فلم يسلم، لأنه كان طمع في النبوة، أو أنه أراد أن يسلم، فلما سمع بقتلى بدر، توقف ورثى قتلى المشركين، وذهب إلى الطائف فمات بها. وقد اختلف في سنة وفاته، فقيل إنه توفي سنة تسع من الهجرة، وقيل قبل ذلك. وورد في رواية أنه مات في الجاهلية ولم يدركه الإسلام. وقد صدقه النبي في بعض شعره، وقال: قد كاد أمية أن يسلم٣. وقد كان يكنى بـ "أبي عثمان" وبـ "أبي القاسم"٤.

وورد في بعض الروايات أن في حقه نزلت الآية: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} ٥. ويرجع سند القائلين بذلك إلى "عبد الله بن عمرو" وإلى "ابن الكلبي"٦.


١ ابن سلام، طبقات "٦٦"، ابن قتيبة، الشعر "١/ ٣٧١".
٢ الإصابة "١/ ١٣٤"، "رقم ٥٥٢"، الأغاني "٣/ ١٧٩ وما بعدها"، "١٦/ ٦٩"، خزانة "١/ ١١٨"، بروكلمان "١/ ١٣ وما بعدها".
٣ الإصابة "١/ ١٣٤"، "رقم ٥٥٢"، الخزانة "١/ ١١٩ وما بعدها"، الجمان في تشبيهات القرآن "٨٤، ٣٨٤".
٤ كنى الشعراء ومن غلبت كنيته عليه "٢٨٩"، "نوادر الخطوط".
٥ سورة "الأعراف"، الآية "١٧٥".
٦ تفسير الطبري "٩/ ٨٢"، تفسير الآلوسي "٩/ ٩٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>