للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العربية الغربية للبيع والشراء, ولا أستبعد أن تكون "غزة" فرضة عرب العربية الغربية في هذا الوقت أيضا. وقد كان تجار العربية الشرقية يقصدونها أيضا على الرغم من بعد المسافة واتساع الشقة، فقد كان أهل "الجرعاء" "جرها" "Gerrha" يقصدونها، حاملين معهم تجارة الهند وما وراء الهند، فتأخذهم إبلهم عن طريق الواحات والآبار إلى "دومة الجندل" ومنها إلى جنوب فلسطين فغزة, حيث يبيعون ما عندهم ويشترون ما يحتاجون إليه من حاصلات البحر المتوسط, ثم يعودون بأموالهم الجديدة إلى بلادهم لبيعها هناك، أو لشحنها إلى ما وراء الخليج من أرضين.

وفطن "دارا" لخطورة المشروع القديم، مشروع ربط البحر المتوسط بالبحر الأحمر عن طريق نهر "النيل" فاحتفره١. وقد وضع أساس هذا المشروع "رامسيس الثاني"، غير أنه امتلأ بعد ذلك بالرمال مرارًا، فاحتفره من جاء من بعده من الملوك٢. وذكر "هيرودوتس" أن الفرعون "نخو" "Necos" كان قد أرسل بعثة دخلت الخليج العربي، أي: البحر الأحمر في اصطلاح اليونان عن طريق القناة التي حفرت بين النيل وهذا البحر، وكانت هذه البعثة من الفينيقيين للبحث عن أعمدة "هرقل"٣ "Hercules".

ويرى بعض الباحثين احتمال كون الملك الذي حكم "غزة" في هذا العهد, ملكًا من ملوك اللحيانيين٤.

واهتم "دارا" بأمر التجارة البحرية، فأمر "Skylax" من اليونانيين بالذهاب إلى البحر الأحمر والمحيط الهندي لكشف تلك المناطق وتكوين صلات تجارية معها، فوصل هذا المكتشف اليوناني -على رواية هيرودوتس- إلى الهند. وهو بذلك أول يوناني يبلغنا خبره حتى الآن، يدخل البحر الأحمر، ويطوف حول جزيرة العرب للوصول إلى الهند٥. ويفتخر "دارا" في كتابته التي أشار فيها إلى مشروع القناة، بأنه استطاع أن يسير السفن عبرها من مصر إلى أرض فارس٦, وقد كانت هذه الخطوة من أعظم الخطوات في تأريخ العالم، ولا شك.


١ Herodotus, I, P. ٣٠٢, Bk. IV, ٣٩
٢ Herodotus, I, P. ٣٠٢, Note. I
٣ Herodotus, I, P. ٣٠٢
٤ Arabien S. ٢٣
٥ Montgomery, Arabia, P. ٦٩
٦ Montg-omery, Arabia, P. ٦٩, Breasted, History of Egypt, PP. ٢٧٦, ٥٣٤, R.W. Rogers, A History of Ancient Persia, PP. ١١٩

<<  <  ج: ص:  >  >>