للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينا الفتى يَسعى ويُسعى له ... تاج له من أمره خالج

يترك ما رقح من عيشه ... يعيث فيه همج هامج

لا تكسع الشول بأغبارها ... إنك لا تدري من الناتج

وهذا تميم بن مقبل يقول:

فاخلف وأتلف إنما المال عارة ... وكله مع الدهر الذي هو آكله١

ونجد في شعر الشعراء الجاهليين، ذما للأغنياء الذين يملكون ولا يعطون شيئا منه للفقير والبائس والمحتاج، وللذين يكبرون من شأن الكبير بماله، ويبتعدون عن الفقير لفقره، ويعظمون الغني على كثرة عيوبه ونواقصه، ولا لشيء إلا لماله وغناه، فنرى "عروة بن الورد"، يقول:

ذريني للغنى أسعي فإني ... رأيت الناس شرهم الفقير

وأبعدهم وأهونهم عليهم ... وإن أمسى له حسب وخير

يباعده النديّ وتزدريه ... حليلته وينهره الصغير

وتلقى ذا الغنى وله جلال ... يكاد فؤاد صاحبه يطير

قليل عيبه والعيب جم ... ولكن الغني رب غفور٢

وللشعراء الجاهليين رأي في النساء. رأي أغلبهم أن المرأة متعة للرجل، يلهو بها، ويقضي حاجته منها، خلقت للبيت وللولادة، وهي دون الرجل. وهي تحب الشاب القوي، والغني الكثير المال. ونجد هذا الرأي عند أكثر الشعراء اتصالا بالمرأة، وعند أكثرهم لهوا بها مثل "امرئ القيس" حيث يقول:

فيا رب يوم قد أروح مرجلا ... حبيبا إلى البيض الأوانس أملسا

أراهن لا يحببن من قل ماله ... ولا من رأين الشيب فيه وقوسا٣


١ البخلاء "١٦٤ وما بعدها".
٢ أمالي المرتضى "١/ ٥٠"، ديوان عروة "١٩٨"، العقد "١/ ٢١٢"، "ولكن للغنى"، وتجد اختلافا في الألفاظ وفي ترتيب الأبيات حسب المراجع، البيان "١/ ٢٣٤"، "عبد السلام محمد هارون".
٣ ديوانه "١٠٦ وما بعدها"، رسائل الجاحظ "١/ ٩٨، ١١٤" "مفاخرة الجواري والغلمان".

<<  <  ج: ص:  >  >>