وفي كيفية الحصول عليها بأسهل السبل وبأرخص الأسعار، منهم من ذهب بنفسه إلى مواطن البضاعة وإلى الأسواق الرئيسية المجهزة، فتمون منها ما احتاج إليه، ومنهم من تسقط أخبارها من تجار الإسكندرية أو التجار الوطنيين الوافدين على الإسكندرية، أو من رجال السفن. وفي الإسكندرية كانت في الغالب نهاية مطاف ربابنة السفن الذين خبروا البحر وعركوه، ووقفوا على أحوال البلاد الغريبة العجيبة: علم إفريقيا وآسيا، ومن أفواههم تلقف التجار والعلماء أخبار البحار وما وراءها من أرضين، وفي مكتبتها ودوائرها الرسمية حفظت تقارير قادة الأساطيل والجواسيس الذين كانوا يتجسسون الأخبار عن أحوال حكومات وشعوب تلك البلاد، وهي تقارير لا بد أن تكون على غاية من الخطورة والأهمية عند خلفاء الإسكندر ثم الرومان فالبيزنطيين، ويحدثنا "أغاثر شيدس""أغاثر خيدس" الذي عاش في الإسكندرية في حوالي "١١٠ ق. م" أنه أخذ علمه بأحوال البحر الأحمر من أفواه أناس قاموا هم أنفسهم بأسفار إلى البحر الأحمر وإلى ما وراءه، كما أخذه من وثائق ملكية وسجلات كانت محفوطة، سمح له، بالوقوف عليها، وفي جملتها تقرير "أرسطون""أرستون"، وهو أحد رجال البحر اللذين كلفهم "بطلميوس الثاني" أو "بطلميوس" آخر كشف البحر الأحمر، فلما أنجز عمله وخبر أمر الساحل العربي للبحر، قدم تقريره المذكور. فحفظ في جملة الوثائق الخطيرة المهمة في خزانة وثائق الإسكندرية ومن هذا المنبع أخذ بقية الكتاب، ومنهم من قام نفسه بركوب البحر وبأسفار في الشرق، ثم عاد إليها ليضع ما حصل عليه في كتاب.
والخلاصة أن هذه التطورات والأحداث السياسية والعسكرية التي وجهت أنظار الغرب منذ أيام "الإسكندر الأكبر" نحو الشرق، قد أدت إلى نزول اليونان والرومان بأنفسهم إلى البحار الدافئة لمنافسة العرب في تجارتهم، وفي بحارهم وفي البحار الأخرى، فبنوا سفنًا أقوى وأكبر وأوسع، وأخذوا يقومون أنفسهم بالتدريج ويحتلون الموانئ المهمة أو يقيمون لهم قواعد عسكرية على السواحل لحماية خطوط مواصلاتهم البحرية، وبذلك أصابوا التجارة العربية إصابة مباشرة وأنزلوا بها ضررًا بالغًا، إذ أخذو يشترون منتجات البلاد الحارة من مواضع انتاجها، وصاروا يزاحمون السفن العربية التي لم تتمكن من تطوير نفسها تطويرًا يناسب الزمن وروح العصر، فتغلبت سفن الروم والرومان عليها كما تغلب