للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وملك سبأ وملك حضرموت، ولما كانت هذه الكتابة لإعلان شكر صاحبها لإلهه وإعلانه بوفائه لنذره، وهي في موضوع شخصي، لم تكن متبسطة في أخبار تلك الحرب المزعجة، لذلك اكتفيت بذكرها إجمالًا دون تفصيل، أما نحن العطاش إلى معرفة خبر تلك الحرب، وما كان من أمرها، فقد خرجنا بعد قراءتنا لهذا النص ونحن آسفون على بخل صاحبها علينا وتغيره في تفصيل خبر هذا الحادث المهم، وشاكرون الله مع ذلك على سلامة رجل وقاه الله شر تلك الحرب.

هذا ما وصل إلى علمنا من أسماء ملوك حضرموت و"مكربيها" ولست أرى بأسًا في التنبيه مرة أخرى على أن هذه الأسماء لم ترتب إلى الآن ترتيبًا زمنيًّا مضبوطًا، وإنما رتبت على حسب اجتهاد الباحثين. ولذلك نجدهم، يختلفون في هذا الترتيب وغيره، في أسماء الملوك، وسبيلنا الآن أن نحاول جهد، الإمكان حصر هذه الأسماء حتى يأتي اليوم الذي نستطيع فيه الترتيب والتصنيف.

والظاهر أن حكم الحميريين لحضرموت، لم يتحقق بصورة فعلية، بل كان في أواخر أيامهم، ولا سيما في أواخر القرن الخامس وابتداء القرن السادس للميلاد، حكمًا شكليًّا؛ لأننا نجد أرض حضرموت وقد استقل فيها حكام المدن وسادات القبائل وأشراف الأودية، وقد لقب أكثرهم أنفسهم بلقب "ملك"، وقد ذكر "ياقوت الحموي" أن بني "معد يكرب بن وليعة" وهم: مخوص، ومشرح، وجمد، وأبضعة، كانوا يسمون ملوكًا؛ لأنه كان لكل واحد واد يملكه١. والواقع أن كثيرًا من سادات القبائل قبل الميلاد وبعده، كانوا يلقبون أنفسهم بلقب ملك، ولكنهم لم يكونوا غير سادات قبائل وأصحاب أرض.


١ البلدان "٣/ ٢٩٤"، الطبري "١/ ٢٠٠٤ وما بعدها" "طبعة ليدن".

<<  <  ج: ص:  >  >>