للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذات تجارة، وأن تجارها كانوا يتاجرون مع العبرانيين: "تجار شبا ورعمة هم تجارك، بأفخر أنواع الطيب، وبكل حجر كريم والذهب أقاموا أسواقك، حران وكنة وعدن تجار شبا وأشور وكلمد تجارك"١. واشتهرت قوافلها التجارية التي كانت ترد محملة بالأشياء النفيسة٢، وعرفت بثروتها وبوجود الذهب فيها٣.

وقد قيل لذهبها "ذهب شبا"٤. ويتبين من المواضع التي ورد فيها ذكر السبئيين في التوراة أن معارف العبرانيين عنهم قد حصلوا عليها من اتصالهم التجاري بهم، وهي محصورة في هذه الناحية فقط، فلا نجد في التوراة عن السبئيين غير هذه الأمور.

وقصة زيارة "ملكة سبأ" لسلمان، المدونة في التوراة، هي تعبير عن علم العبرانيين بالسبئيين، وعن الصلات التجارية التي كانت بينهم وبين شعب سبأ. ولم تذكر التوراة اسم هذه الملكة، ولا اسم العاصمة أو الأرض التي كانت تقيم بها٥. وقد ذهب بعض نقدة التوراة إلى أن هذه القصة هي أسطورة دونها كتبة التوراة، الغرض منها بيان عظمة ثروة سليمان وحكمته وملكه٦. ورأى آخرون أن هذه الملكة لم تكن ملكة على مملكة سبأ الشهيرة التي هي في اليمن، وإنما كانت ملكة على مملكة عربية صغيرة في أعالي جزيرة العرب، كان سكانها من السبئيين القاطنين في الشمال. ويستدلون على ذلك بعثور المنقبين على أسماء ملكات عربيات، وعلى اسم ملك عربي، هو "يثع أمر" السبئي في النصوص الآشورية، في حين أن العلماء لم يعثروا حتى الآن على اسم ملكة في الكتابات العربية الجنوبية، ثم صعوبة تصور زيادة ملكة عربية من الجنوب إلى سليمان وتعجبها من بلاطه وحاشيتة وعظمة ملكه، مع أن بلاط "أورشليم" يجب ألا يكون شيئًا بالقياس إلى بلاط ملوك سبأ، ولهذا لا يمكن أن تكون هذه المملكة في نظر هذه الجماعة


١ حزقيال: الإصحاح السابع والعشرون، الآية ٢٢ وما بعدها، الإصحاح الثامن والثلاثون الآية ١٣.
٢ أيوب: الإصحاح السادس، الآية ١٩.
٣ Hastings p ٨٤٢
٤ المزامير: المزمور الثاني والسبعون الآية "١٥".
٥ "فأتت إلى أورشليم بموكب عظيم جدًّا بجمال حاملة أطيابًا وذهبًا كثيرًا جدا وحجارة كريمة" الملوك الإصحاح العاشر، الآية ٢.
٦ Hastings p ٨٤٣

<<  <  ج: ص:  >  >>