للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زيارة فعلية حقًّا، أدهشت العبرانيين، أدهشتهم من ناحية ما شاهدوه من ثراء الملكة، وثروتها، حتى أدخلوها في التوراة للإشادة بعظمة سليمان وما بلغه من مكانة وثراء وسلطان.

لقد أدهشت هذه الملكة السبئية "سليمان" حين جاءت مع قافلة كبيرة من الجمال تحمل هدايا وألطافًا من أثمن المواد الثمينة بالقياس إلى ذلك العهد، وإذا كانت هذه الزيارة قد تمت من العربية الجنوبية حقًّا، فلا بد أنها تكون قد قطعت مسافة طويلة حتى بلغت مقر "سليمان" في حوالي السنة "٩٥٠ ق. م."١.

وإذا أخذنا بحديث التوراة عن تجار "شبا" "سبأ" وعن قوافل السبئيين التي كانت تأتي بالذهب وباللبان وبأفخر أنواع الطيب إلى فلسطين، وذلك في أيام "سليمان" وقبل أيامه أيضًا، وجب رجع زمان هذه القوافل إذن إلى الألف الثانية قبل الميلاد، وذلك؛ لأن زيارة الملكة: ملكة سبأ لسليمان، كانت في حوالي السنة "٩٥٠ ق. م." ٢. ومعنى هذا أن السبئيين كانوا إذ ذاك من الشعوب العربية الجنوبية النشيطة في ذلك العهد، وقد كانوا أصحاب تجارة وقوافل وأموال لا يبالون ببعد الشقة وطول المسافة، فوصلوا بتجارتهم في ذلك الزمان إلى بلاد الشأم.

وقد قص القرآن الكريم قصة زيارة ملكة "سبأ" لسليمان دون أن يذكر اسم الملكة٣. غير أن المفسرين والمؤرخين وأهل الأخبار ذكروا أنها "بلقيس" وأنها من بنات التبابعة٤، وقد صيرها بعضهم "بلقيس بنت ايليشرح"٥، أو "بلقمة ابنة اليشرح"، أو "بلقيس بنت ذي شرح بن ذي جدن بن ايلي شرح بن الحارث بن قيس بن صيفي بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان"٦، وهي "بلقيس ابنة الهدهاد بن شرحبيل"٧ إلى غير ذلك من أقوال ٨ وأرى أن


١ Discoveries, P. ٣٥, Hastings, P. ٨٦٨
٢ Discoveries, P. ٣٥
٣ سورة النمل: رقم ٢٧ الآية ٢١ وما بعدها.
٤ Encycl., vol., ll, p. ٧٢٠
٥ الطبري: "١/ ٥٧٦" وما بعدها، ٦٣٨، ٩٠٨".
٦ الطبري "١/ ٢٥٤" "طبعة المطبعة الحسينية".
٧ اليعقوبي "١/ ١٥٨" "طبعة النجف".
٨ كتاب النيجان "ص ١٥١" ومروج الذهب "٢/ ٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>