يسر مشروع أسفار أن يقدم للقارئ الكريم الإصدار الثاني من إصدارات المشروع والذي يطبع لأول مرة، وهو تحقيق كتاب (المنهج الصحيح في الجمع بين ما في المقنع والتنقيح)، وهذا الكتاب يهم المختصين بالفقه الحنبلي بالدرجة الأولى، إذ جمع المؤلف فيه بين متنين احتاج المذهب إلى الجمع بينهما، وهما: كتاب (المقنع) لشيخ المذهب الموفق ابن قدامة (ت ٦٢٠)، وكتاب (التنقيح المشبع) لمصحح المذهب علاء الدين المرداوي (ت ٨٨٥)؛ إذ لا غنى للحنبلي عنهما، ولا يُستغني بواحد منهما عن الآخر، فجاء العلامة شهاب الدين أحمد العُسكُري (ت ٩١٠) تلميذ العلاء المرداوي فجمع بينهما مع التصرف بالأصل والاستدراك عليه ومخالفة الترجيح أحيانا، فكانت التجربة الأولى للجمع بين المقنع والتنقيح، إلا أن المنية اخترمته قبل تمام جمعه، فجاء بعد العسكري تلميذه الموضِّح الشويكي (ت ٩٣٩) فجمع بينهما أيضا في كتابه (التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح) وأتمه، وجاء التقي الفتوحي (ت ٩٧٢) عصريّ الشويكي فجمع بينهما أيضا في المتن الشهير المسمى بـ (منتهي الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات)، ومع كون (المنتهي) أشهر المتون الثلاثة إلا أن كتب المذهب لم تخل من النقل عن (المنهج) و (التوضيح) فممن نقل عنهما: الحجاوي (ت ٩٦٨) في حاشية التنقيح وهو من تلاميذ الشويكي، ومنصور البهوتي (ت ١٠٥١) في الكشاف وشرح المنتهى وحاشية الإقناع، وابن منقور (ت ١١٢٥) في مجموعه، بل إن للتاج البهوتي تلميذ الفتوحي: تعليقات على هامش (التوضيح) نقل عنها الخلوتي (ت ١٠٨٨) في حاشية المنتهى، وكذا لعثمان حفيد صاحب المنتهى (ت ١٠٦٤) تعليقات على التوضيح، بل قال عنه العلامة ابن سعدي (ت ١٣٧٦): «والذي يظهر لي أنه [يعني التوضيح] يفوق على المنتهي».
ولا يفوتنا أخيرا أن نسأل الله أن يجزي مؤلف الكتاب ومحققه ومطالعه خير الجزاء، وأن يسبغ نعمه الظاهرة والباطنة على من سعى في نشره وطباعته متحملا تكاليفه المالية. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.