للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

باب الوديعة (١)

الوديعة: فعيلة بمعنى مفعولة من الوَدَعِ وهو الترك، فكأنما سميت وديعة أي: متروكة عند الْمُودَعِ، وهي اسمٌ للمال المودع.

والإيداع: توكيلٌ في حفظ مالٍ تبرعًا.

والاستيداع: توكل في حفظه كذلك بغير تصرفٍ.

فإن أذن المالك له فيه، ففعل صارت عاريةً مضمونةً، ويشترط فيها أركان وكالة (٢)، وتنفسخ بموتٍ، وجنونٍ، وعزل مع علمه كوكالة، وهي أمانة، لا ضمان عليه فيها (٣)، إلا أن يتعدى، وإن تلفت من بين ماله، لم


(١) الوديعة: سميت بذلك؛ لأنها متروكة عند المودع غير مبتذلة للانتفاع، وقيل: من ودع الشيء إذا سكن، فكأنها ساكنة عند المودع. ينظر: طلبة الطلبة ص ٧٦، والمطلع ص ٣٣٧، وكشاف القناع ٤/ ١٦٦، ودستور العلماء ٣/ ٣١١.
والفرق بين الوديعة والعارية: أن العارية يد آخذة، والوديعة يد معطاة، فالعارية مثل القرض، فجميعا قابضهما ضامن، والفرق بينهما أن العين المستعارة لا يجوز استهلاكها، ولا هبتها، ولا تغييرها، ولا التصرف فيها، بخلاف القرض، ينظر: شرح الزركشي ٤/ ١٦٦.
(٢) قال في شرح المنتهى ٢/ ٣٥٢: «أي: ما يعتبر فيها من كون كل منهما جائز التصرف وتعيين وديع ونحوه; لأنها نوع منها». وأركانها: مودع، ومودع، ومودع إليه، فالمودِع: صاحب المال، والمودَع: المال، والمودَع إليه: المؤتمن. الشرح الممتع ١٠/ ٢٨٦.
(٣) قال الشوكاني في السيل الجرار ص ٦٥٢: «الأصل الشرعي هو عدم الضمان؛ لأن مال الوديع معصوم بعصمة الإسلام، فلا يلزم منه شيء، إلا بأمر الشرع، ولا يحتاج مع هذا الأصل إلى الاستدلال على عدم الضمان بما لم يثبت، كما روى الدارقطني من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا ضمان على مؤتمن».

<<  <  ج: ص:  >  >>