للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفعل، أو عدل هو مع علمه، أو عذر وطال بطلت، وكذا إن انحرف عن جهة سيره فصار قفاه إلى القبلة عمدًا، إلا أن يكون ما انحرف إليه جهة القبلة (١).

وإن وقفت دابته؛ لتعبٍ، أو انتظار رفقته، أولم يسر لسيرهم، أو نوى النزول ببلدٍ دخله استقبل، وإن نزل في أثنائها نزل مستقبلاً، وأتمها نصًّا (٢).

وإن ركب المسافر النازل فيها بطلت، وإن ركب ماشٍ فيه أتمه.

ويصح نذر الصلاة على دابةٍ، ويلزم الراكب افتتاحها إلى القبلة إن أمكنه بلا مشقةٍ، وكذا إن أمكنه ركوعٌ، وسجودٌ، واستقبال عليها نصًّا (٣)، كمن هو في سفينة، أو مِحَفَّةٍ (٤)

ونحوها، أو كانت راحلته واقفة نصًّا (٥)، وإلا أومأ إلى جهة سيره، ويعتبر فيه طهارة محله نحو سَرْجٍ، وركابٍ.

وإن وطئت دابته نجاسةً فلا بأس، ويلزم الماشي أيضًا الافتتاح إليها وركوع، وسجودٌ، ويفعل الباقي إلى جهة سيره.

والفرض في القبلة إصابة العين ببدنه نصًّا (٦)، بحيث لا يخرج شيءٌ


(١) ينظر: الفروع ٢/ ١٢١، والمبدع ١/ ٣٥٦، والإنصاف ٢/ ٦.
(٢) ينظر: الفروع ٢/ ١٢١، والمبدع ١/ ٣٥٦، والإنصاف ٢/ ٧، ومنتهى الإرادات ١/ ٥٠.
(٣) ينظر: المغني ١/ ٣١٦، والإقناع ١/ ١٠١، ومنتهى الإرادات ١/ ٥٠، وكشاف القناع ١/ ٣٠٣.
(٤) المحفة: بكسر الميم، مركب للنساء، كالهودج، إلا أنها لا تقبب قديما، سميت بذلك؛ لأن الخشب يحيط بالقاعد فيها من جميع جوانبه. ينظر: تهذيب اللغة ٥/ ١٧٠، والصحاح ٤/ ١٣٤٥، والمحكم والمحيط الأعظم ٢/ ٥٣٩.
(٥) ينظر: الإقناع ١/ ١٠١، وكشاف القناع ١/ ٣٠٣، وكشف المخدرات ١/ ١٢٢.
(٦) ينظر: المحرر ١/ ٥٠، والوجيز ص ٤١، وتجريد العناية ص ٣٣، ومنتهى الإرادات ١/ ٥٠. قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ٢٢/ ٢٠٨: «وقد تأملت نصوص أحمد في هذا الباب فوجدتها متفقة لا اختلاف فيها وكذلك يذكر الاختلاف في مذهب مالك، وأبي حنيفة، والشافعي وهو عند التحقيق ليس بخلاف، بل من قال: يجتهد أن يصلي إلى عين الكعبة، أو فرضه استقبال عين الكعبة بحسب اجتهاده فقد أصاب، ومن قال: يجتهد أن يصلي إلى جهة الكعبة، أو فرضه استقبال القبلة فقد أصاب، وذلك أنهم متفقون على أن من شاهد الكعبة فإنه يصلي إليها، ومتفقون على أنه كلما قرب المصلون إليها كان صفهم أقصر من البعيدين عنها، وهذا شأن كل ما يستقبل، فالصف القريب منها لا يزيد طوله على قدر الكعبة، ولو زاد لكان الزائد مصليا إلى غير الكعبة، والصف الذي خلفه يكون أطول منه وهلم جرا، فإذا كانت الصفوف تحت سقائف المسجد كانت منحنية بقدر ما يستقبلون الكعبة وهم يصلون إليها، وإلى جهتها أيضًا، فإذا بعد الناس عنها كانوا مصلين إلى جهتها وهم مصلون إليها أيضًا، ولو كان الصف طويلا يزيد طوله على قدر الكعبة صحت صلاتهم باتفاق المسلمين، وإن كان الصف مستقيما حيث لم يشاهدوها، ومن المعلوم أنه لو سار من الصفوف على خط مستقيم إليها لكان ما يزيد على قدرها خارجا عن مسافتها، فمن توهم أن الفرض أن يقصد الْمُصَلِّي الصلاة في مكان لو سار على خط مستقيم وصل إلى عين الكعبة فقد أخطأ، ومن فسر وجوب الصلاة إلى العين بهذا وأوجب هذا فقد أخطأ، وإن كان هذا قد قاله قائل من المجتهدين فهذا القول خطأ، خالف نص الكتاب، والسنة، وإجماع السلف، بل وإجماع الأمة، فإن الأمة متفقة على صحة صلاة الصف المستطيل الذي يزيد طوله على سمت الكعبة بأضعاف مضاعفة، وإن كان الصف مستقيما لا انحناء فيه، ولا تقوس».

<<  <  ج: ص:  >  >>