(أقيمت الصلاة ورسول الله صلى الله عليه وسلم نجي لرجل) أي يناجي رجلا ويناجيه رجل، وفي الرواية الرابعة "أقيمت صلاة العشاء فقال رجل" أي لرسول الله صلى الله عليه وسلم "لي حاجة" أي لي مطلب أسر به إليك، فاستجاب له صلى الله عليه وسلم فطالت المناجاة، ومازال يناجيه حتى نام القوم.
(فما قام إلى الصلاة) أي فما وقف موقف الصلاة، واستعد لها.
-[فقه الحديث]-
سبق في أول كتاب الطهارة وفي باب (١١٢) باب الوضوء من الحدث أن تكلمنا عن المذاهب في نقض النوم للوضوء، ونعيد ما قلناه هناك لطول العهد، فنقول: وقد اختلف العلماء في النوم على مذاهب ثمانية ذكرها النووي:
الأول: أنه لا ينقض الوضوء على أي حال، وهو محكي عن أبي موسى الأشعري وسعيد بن المسيب والشيعة الإمامية، واستدلوا بما رواه أبو داود ومسلم والترمذي عن أنس قال "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رءوسهم، ثم يصلون ولا يتوضئون".
الثاني: أن النوم ينقض الوضوء بكل حال: قليله وكثيره، وهو مذهب الحسن البصري والمزني وابن المنذر، واستدلوا بما رواه أحمد والنسائي والترمذي عن صفوان بن عسال قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، لكن من غائط وبول ونوم" فذكر الأحداث التي ينزع منها الخف، وعد من جملتها النوم، وجعله مقترنا بالبول والغائط اللذين هنا ناقضان بالإجماع، كما استدلوا بما رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ" لم يفرق بين قليل النوم وكثيره ولا بين حال للنائم وحال أخرى.
الثالث: أن كثير النوم ينقض بكل حال، وقليله لا ينقض بكل حال، وهو مذهب الأوزاعي ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه. واستدلوا بحديث أنس السابق، وحملوا ما فيه على قليل النوم.
الرابع: إذا نام على هيئة من هيئات المصلي كالراكع والساجد والقائم والقاعد مستلقيا على قفاه انتقض، وهو مذهب أبي حنيفة وداود وهو قول غريب للشافعي، واستدلوا بما رواه البيهقي "إذا نام العبد في سجوده باهى الله به الملائكة".
الخامس: أنه لا ينقض إلا نوم الراكع والساجد، وهو مروي عن أحمد، ولعل وجهه أن الركوع والسجود مظنة للانتقاض.
السادس: أنه لا ينقض إلا نوم الساجد وهو مروي أيضا عن أحمد.