٤٨٥٧ - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إياكم والجلوس في الطرقات" قالوا: يا رسول الله، ما لنا بد من مجالسنا. نتحدث فيها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فإذا أبيتم إلا المجلس، فأعطوا الطريق حقه" قالوا: وما حقه؟ قال:"غض البصر. وكف الأذى. ورد السلام. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".
-[المعنى العام]-
كانت بيوت العرب واسعة، لها أفنية على الطرقات، وكثيراً لا تكون لها أبواب، وكثيراً ما يكون لها مصاطب على الطريق، وهم قوم يقل انشغال أوقاتهم بالرزق، فمجال الكسب محدود، فكانوا يشغلون أوقات الفراغ الكثيرة بالتجمع جماعات جماعات على صعدات [بضم الصاد والعين جمع صعيد، وهو المكان المتسع] على الطريق، وفي هذا الوضع إيذاء للمارة في الطريق، وطرقهم التي تنقلهم إلى أعمالهم وإلى قضاء مصالحهم محدودة، ليس من السهل استخدام بديل لأماكن الجالسين، وكيف والجلوس في الطرقات يعمها في الغالب الكثير؟ .
إذن اتقاء الضرر إنما يكون بمنع الجلوس على الطرقات، لا بمنع المرور فيها، فكان الأمر الحكيم: إياكم والجلوس على الطرقات، والحكيم عليم بأن هذا الأمر صعب التنفيذ، لكنه أصدره ليطلبوا التخفيف، فتظهر منة الشارع في الرأفة بهم، ولينصاعوا للأمر الآخر المترتب على التخفيف انصياع من خفف عنه، ومنح التيسير قالوا: ما لنا مفر من الجلوس على الطرقات، إنها المكان الوحيد الذي نتحدث فيه في مصالحنا وأمورنا، إنها مكان التجمع الميسور البعيد عن حرج النساء في البيوت. فقال صلى الله عليه وسلم: إذا أبيتم إلا الجلوس على الطرقات، فاحذروا إيذاء المارة بالنظر والغمز واللمز والغيبة والنميمة وكشف العورات وسوء الظن والتضييق عليهم ومعاكستهم، بل ليكن وجودكم على طريقهم إحساناً منكم لهم، تردون سلامهم، وتشمتون من يعطس ويحمد منهم، وترشدون ضالهم، وتنقذون مكروبهم، وتنصفون مظلومهم، وتردون ظالمهم، وتغيثون مستغيثهم وملهوفهم، وتساعدون محتاجهم، وتأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر.
-[المباحث العربية]-
(إياكم والجلوس في الطرقات) أسلوب تحذير: وأصله: أحذركم الخطأ، وأحذركم الجلوس