[(٩٢) باب أجر الكتابي إذا أسلم: ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين]
٢٦٣ - عن الشعبي، قال: رأيت رجلا من أهل خراسان سأل الشعبي فقال: يا أبا عمرو، إن من قبلنا من أهل خراسان يقولون، في الرجل، إذا أعتق أمته ثم تزوجها: فهو كالراكب بدنته. فقال الشعبي: حدثني أبو بردة بن أبي موسى، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وأدرك النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه وصدقه، فله أجران. وعبد مملوك أدى حق الله تعالى وحق سيده، فله أجران. ورجل كانت له أمة فغذاها فأحسن غذاءها، ثم أدبها فأحسن أدبها. ثم أعتقها وتزوجها، فله أجران". ثم قال الشعبي للخراساني: خذ هذا الحديث بغير شيء. فقد كان الرجل يرحل فيما دون هذا إلى المدينة.
-[المعنى العام]-
تفضل وإحسان من الله تعالى على عباده، إن هم فعلوا خيرا على خير، أن يمنحهم أجرا فوق أجر، مصداقا لقوله تعالى:{من جاء بالحسنة فله خير منها}[النمل: ٨٩] ومن الذين يؤتون أجرهم مرتين ثلاثة خصهم بالذكر، مراعاة لظروف وبيئة معينة.
لقد كان أهل الكتاب يعرفون محمدا صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم، يجدونه ويجدون أوصافه عندهم مكتوبة في التوراة والإنجيل، فكان إيمانهم به وإسلامهم خيرا كبيرا لهم وللإسلام، لهم لأنهم يسلمون على ما أسلفوا من إيمان وخير، وللإسلام لاقتداء العامة بهم، ونشر الإسلام عن طريقهم، فكان لمن يسلم منهم أجران.
وكان الرق في ظروف هذا الحديث منتشرا وكثيرا، وكان الأرقاء يضيقون به ذرعا، ويشعرون بسببه ذلة وهوانا، وكان السادة يسيئون معاملة الرقيق خصوصا الإماء منهم، فحارب الحديث هاتين السوأتين، ورغب في نقيضهما، لقد منح الله العبد المملوك المطيع لربه ولسيده أجرين على ما يفعل من حسنات فألقى بذلك الرضا في قلوب العبيد بالقضاء، بل وصل ببعضهم أن قيل لسيده حين أعتقه معجبا من دينه: لم حرمتني من أحد أجري؟ ووصل التطلع ببعض الأحرار إلى أجر العبيد، حتى قال أبو هريرة: والذي نفسي بيده لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك.