١٩٧ - عن جابر رضي الله عنه أن الطفيل بن عمرو الدوسي أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هل لك في حصن حصين ومنعة؟ (قال حصن كان لدوس في الجاهلية) فأبى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم. للذي ذخر الله للأنصار. فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. هاجر إليه الطفيل بن عمرو. وهاجر معه رجل من قومه. فاجتووا المدينة. فمرض، فجزع فأخذ مشاقص له، فقطع بها براجمه، فشخبت يداه حتى مات. فرآه الطفيل بن عمرو في منامه. فرآه وهيئته حسنة. ورآه مغطيا يديه. فقال له: ما صنع بك ربك؟ فقال: غفر لي بهجرتي إلى نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: ما لي أراك مغطيا يديك؟ قال قيل لي: لن نصلح منك ما أفسدت. فقصها الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهم وليديه فاغفر".
-[المعنى العام]-
قدم الطفيل بن عمرو الدوسي من وطنه باليمن إلى مكة، وكان من وجهاء قومه، فخافت قريش أن يتصل برسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم، فحذرته منه بأنه يفرق بين المرء وزوجه، وبأنه ساحر إلخ، فدفعه حب الاستطلاع إلى القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث لا يشعر، فسمع منه بعض آيات القرآن الكريم، فوقعت في قلبه، فما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته أدركه الطفيل، فطلب منه أن يعرض عليه الإسلام فأسلم، ورجع إلى قومه، ودعاهم إلى الإسلام، فكان ممن أجابه أبو هريرة رضي الله عنه وجماعة من أهله، وبعد مدة رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأى إيذاء قريش له وللمسلمين، فعرض عليه أن يهاجر إلى اليمن ويقيم في حصن دوس المنيع، وفي حماية جماعة من قوم الطفيل المسلمين، فاعتذر عن الهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان ربه قد أراه أرض طيبة، وأعلمه أنها أرض الهجرة، ولم يكن قد أذن له فيها، فعاد الطفيل إلى أهله، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وبعد بدر وأحد والخندق، وفي عمرة القضية هاجر الطفيل بن عمرو، ومعه رجل من قومه، واستقر بهم المقام في المدينة، لكن هواءها لم يناسبهما، فأصابتهما بعض الأمراض، واشتد المرض بصاحبه، وبرحت به الآلام، فلم يطق عليها صبرا، فأخذ سهما عريضا حادا كالسكين، وقطع به أصابعه، ففجر شرايينه، فسال دمه بغزارة، ولم ينقطع حتى مات، فرآه الطفيل في المنام، رآه حسن الهيئة، وقد كان يعلم أنه مات عاصيا بانتحاره، فتعجب من حسن هيئته فقال له: ما صنع الله بك؟ قال: غفر لي خطاياي بفضل هجرتي إلى رسوله صلى الله عليه وسلم، قال له: فما بالك تغطي يديك؟ قال: قيل لي: لن نصلح منك ما أفسدت، فبقي الأذى