٤٠٥٩ - عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف فلم ينل منهم شيئا فقال "إنا قافلون إن شاء الله" قال: أصحابه نرجع ولم نفتتحه؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم "اغدوا على القتال فغدوا عليه فأصابهم جراح" فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنا قافلون غدا" قال: فأعجبهم ذلك. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
-[المعنى العام]-
نصر الله رسوله صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين على هوازن وعجل له غنيمة كبيرة من هزيمتهم وكان معهم في حنين بنو نضر بقيادة مالك بن عوف النضري وهم من سكان أعمال الطائف فلما انهزموا في حنين فر مالك بن عوف وأتباعه نحو الطائف ولما كانت القيادة الحكيمة تقضي بتتبع فلول الجيش المنهزم قبل أن تتجمع أو تكيد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلحق بأتباع مالك ويحاصر الطائف فلم يقسم غنائم حنين على المجاهدين بل جمعها في الجعرانة في طريق الطائف حتى يعود من غزوه وكان أهل الطائف قد حسبوا لهذا اليوم حسابا فجمعوا في حصونهم ما يكفيهم سنة وكانت حصونهم منيعة ذات أسوار عالية قوية لم يؤثر الحصار فيهم أو لم يرغمهم على الاستسلام بل كانوا في موقف المهاجم جيش المسلمين في العراء وهم في قلاع وطواب وشرفات يصيدون ولا يصادون وهم قوم رماة أهل قوة وشكيمة وحضارة كانوا يحمون قطعة الحديد في النار ويقذفونها على جند المسلمين وكانت نبالهم تصيد المسلمين من أعلاهم ولا تصل نبال المسلمين إليهم.
فلما يئس رسول الله صلى الله عليه وسلم من هزيمتهم واعتبر حصارهم درسا كافيا وهو يرجو أن يسلموا طلب من أصحابه العودة فعز عليهم أن يحاصروا هذه المدة ثم يعودوا دون فتح فأبدوا الأسى والأسف للعودة وقالوا: يعز علينا أن نرجع دون أن نفتح ونحن في عزة وقوة ونشوة انتصار على هوازن.
فقال لهم صلى الله عليه وسلم: إذن استمروا في القتال وفي الصباح بدءوا مناوشة أهل الطائف فأصابهم أهل الطائف بما آلمهم وأوجعهم فأعاد عليهم صلى الله عليه وسلم طلب الرجوع فرضوا به وسروا فتبسم صلى الله عليه وسلم لاقتناعهم بإشارته بعد أن جربوا غيرها تجربة مريرة.
-[المباحث العربية]-
(عن عبد الله بن عمرو) قال النووي: هكذا هو في نسخ صحيح مسلم "عن عبد الله بن عمرو"