٧٦ - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه".
-[المعنى العام]-
إن الأمن على النفس والمال والعرض من نعم الله الكبرى، وأقرب الناس تهديدا لهذا الأمن هو الجار، لأن الحذر منه أصعب من الحذر من غيره، والضرر منه أشد خطرا من الضرر من غيره، إنه يعرف كثيرا من الخفايا, ويكشف كثيرا من الأستار، ويطلع على كثير من العيوب، إنه أعلم بمواطن الضعف، وأقدر على توصيل الأذى.
والإسلام يحرص على استتباب الأمن، ونشر الطمأنينة والاستقرار بين أبناء المجتمع الواحد، لهذا جعل مسالمة الجار من الإيمان، جعل حبس النفس عن أذى الجار من الإيمان، بل جعل خوف الجار من الجار دليلا على ضعف إيمان الجار الذي بعث الخوف، وإن لم يصل ضرره لجاره بالفعل، فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والله لا يؤمن. والله لا يؤمن. والله لا يؤمن. كررها ثلاثا، وكان متكئا فقام، وبدا الغضب في وجهه الشريف، حتى انزعج الصحابة، فقالوا: من يا رسول الله هذا الذي تقسم على سلب إيمانه؟ ومن سلب إيمانه لا يدخل الجنة، فمن هو الذي خاب وخسر؟ قال: الذي لا يأمن جاره أذاه، والذي يخاف جاره اعتداءه، والذي لا يطمئن جاره لجواره.
نعم هذا التشريع الحكيم لو أمن كل جار جاره، وكف كل جار عن ضرر جاره، وحمى كل جار محارم جاره، لكانت المدينة الفاضلة، ولكان المجتمع الموادع الأمين، ولعاش الناس سعداء آمنين.
-[المباحث العربية]-
(من لا يأمن جاره بوائقه) وفي رواية "من خاف جاره بوائقه" والبوائق جمع بائقة، وهي الداهية والشيء المهلك، والأمر الشديد الذي يوافي بغتة.
-[فقه الحديث]-
في حد الجوار شرعا خلاف، فعن علي -كرم الله وجهه- من سمع النداء فهو جار، وعن عائشة والأوزاعي: حد الجوار أربعون دارا من كل جانب.