[(٣٠) باب ضعف الإيمان بتطاول الأزمان والحاجة إلى الأمر بالمعروف]
٨٣ - عن أبي رافع، عن عبد الله بن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب. يأخذون بسنته ويقتدون بأمره. ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف. يقولون ما لا يفعلون. ويفعلون ما لا يؤمرون. فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن. ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن. ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن. وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل". قال أبو رافع: فحدثت عبد الله بن عمر فأنكره علي. فقدم ابن مسعود فنزل بقناة. فاستتبعني إليه عبد الله بن عمر يعوده. فانطلقت معه. فلما جلسنا سألت ابن مسعود عن هذا الحديث فحدثنيه كما حدثته ابن عمر. قال صالح: وقد تحدث بنحو ذلك عن أبي رافع.
٨٤ - وعن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، عن عبد الله بن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما كان من نبي إلا وقد كان له حواريون يهتدون بهديه ويستنون بسنته" مثل حديث صالح. ولم يذكر قدوم ابن مسعود واجتماع ابن عمر معه.
-[المعنى العام]-
سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا، يبعث الله الرسول في قومه، فينتشر نوره بينهم، وتسري حرارة الدعوة في دمائهم، وتستقر تعاليمه في عقائدهم، فيتمسكون بها ويحافظون عليها، ثم يمضي الرسول ويمضي عصره فيضعف النور، وتهدأ الحرارة، وتتزعزع التعاليم في النفوس، ويقل التمسك بها، وتختل المحافظة عليها، وكلما مضى عصر زاد الضعف، وكثر التهاون، فخير القرون قرن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، وهكذا حتى يأتي آخر الزمان، بقوم غير القوم، يأتي بقوم بعيدين عن التعاليم بقدر بعد الزمان، صورهم غير حقائقهم، وأسماؤهم لا تتفق ومسمياتهم، في صور العقلاء وحقائقهم كالأنعام، يدعون بالمسلمين ولا إسلام. يقولون ما لا يفعلون ولا يفعلون ما يقولون، بل يفعلون نقيض أوامر الشريعة، فيأتون بالمنكرات، ويتركون الواجبات.