٢٨٧٩ - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أيها الناس! قد فرض الله عليكم الحج فحجوا" فقال رجل: أكل عام؟ يا رسول الله! فسكت. حتى قالها ثلاثاً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لو قلت: نعم. لوجبت. ولما استطعتم". ثم قال "ذروني ما تركتكم. فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم. فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم. وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه".
-[المعنى العام]-
الحج عبادة شاقة على عامة المسلمين، تقتضي سفراً طويلاً، والسفر قطعة من العذاب، وتمنع من مباحات ومتع، بما عرف فيها من محرمات الإحرام، وفي ذلك حجر وتضييق ومشقة ليست بالهينة، وتلزم بأداء الشعائر في ظروف صعبة، في جبال وزحام، ومن ذاق عرف. من هنا كانت رحمة الله بالأمة أن فرضه في العمر مرة واحدة {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}[البقرة: ١٨٥]. ومن هنا كان أجر هذه الحجة مبشراً بالكفارة "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه". "الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة".
لكن الإنسان بطبيعته خلق عجولاً، كثير التطفل والتساؤل، فمن عصمه الله اتسم بالحلم والحكمة والتفكير في القول قبل النطق به، والحمقى يضربون بألسنتهم يميناً وشمالاً، وقد يكون في ذلك ضرر لهم ولغيرهم، ومن هذا القبيل سؤال من سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم. هل الحج واجب في كل عام أو مرة واحدة في العمر؟ إن بني إسرائيل شددوا فشدد الله عليهم في أمر البقرة، وهذا الرجل ينحو نحوهم في التشديد، فنهى عن ذلك، وأعلن له ولغيره رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدة التيسير على الأمة.
-[المباحث العربية]-
(قد فرض الله عليكم الحج فحجوا) فرض الله الحج على الأمة بقوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً} قال العيني: اللام في {ولله} لام الإيجاب، أي ولله فرض واجب على الناس حج البيت. اهـ وليس معنى الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يذكر لهم آية الإيجاب، فقد روى أحمد عن علي رضي الله عنه قال لما نزلت:{ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً} قالوا: يا رسول الله، في كل عام؟ .