[(٦٨٤) باب بيان قوله صلى الله عليه وسلم: "الناس كإبل مائة"]
٥٦٥٤ - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تجدون الناس كإبل مائة. لا يجد الرجل فيها راحلة".
-[المعنى العام]-
أكثر الناس لا يعلمون، وأكثر الناس لا يفقهون، {وقليل من عبادي الشكور}[سبأ: ١٣] وبعث النار قد يكون من كل مائة تسعة وتسعين، والمؤمنون بالإسلام بالنسبة لأمم بني آدم في عصورها السابقة واللاحقة كالشعرة البيضاء في الثور الأسود، أو كالشعرة السوداء في الثور الأبيض.
وكل مجتمع من مجتمعات بني آدم، فيهم القوي وفيهم الضعيف، فيهم الجواد وفيهم البخيل، فيهم الشجاع وفيهم الجبان، فيهم العطوف الرحيم، وفيهم الشديد الغليظ المناع للخير المعتدي الأثيم، ولو تجاوزنا بعض المجتمعات الفاضلة في بعض الأزمنة لوجدنا نسبة الفاسدين للصالحين تصل [٩٩/] كالإبل المجتمعة لا تجد منها يصلح للركوب المريح إلا [١/] وباقيها إنما يصلح لحمل الأثقال.
-[المباحث العربية]-
(تجدون الناس كإبل مائة، لا يجد الرجل فيها راحلة) قال ابن قتيبة: الراحلة، النجيبة، المختارة من الإبل للركوب وغيره، فهي كاملة الأوصاف، فإذا كانت في إبل عرفت. قال: ومعنى الحديث أن الناس متساوون، ليس لأحد منهم فضل في النسب، بل هم أشباه الإبل المائة. اهـ.
قالوا: والنفي المطلق هنا "لا تجد فيها راحلة" محمول على المبالغة، وعلى أن ذلك نادر، والنادر لا حكم له، فيرجع المعنى إلى رواية البخاري "لا تكاد تجد فيها راحلة".
وقال الخطابي: الراحلة التي ترحل لتركب، والراحلة فاعلة بمعنى مفعولة، أي كلها حمولة، تصلح للحمل، ولا تصلح للرحل والركوب عليها - لأن الذي يصلح للركوب، ينبغي أن يكون وطيئا سهل الانقياد - قال: وتأولوا هذا الحديث على وجهين:
أحدهما أن الناس في أحكام الدين سواء، لا فضل فيها لشريف على مشروف، ولا لرفيع على وضيع، كالإبل المائة، التي لا يكون فيها راحلة (قال الحافظ ابن حجر: وقد أورد البيهقي هذا الحديث في كتاب القضاء، في تسوية القاضي بين الخصمين، أخذا بهذا التأويل).