[(٢٥) باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان]
٧٢ - عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن عبد" (وفي رواية "لا يؤمن الرجل") حتى أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين".
٧٣ - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين".
-[المعنى العام]-
إن حب الشيء يدعو إلى حب الموصل إليه، وإن حب الإيمان وبغض الكفر يستلزم حب المتسبب فيه والداعي إليه، فحب الرسول صلى الله عليه وسلم دليل على حب الإيمان، وبقدر ارتفاع درجة هذا الحب أو انخفاضها ترتفع درجة الإيمان أو تنخفض، فإذا وصل المؤمن إلى أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليه من أمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، ومن المال والأهل والأقارب والناس أجمعين، كان كامل الإيمان، وأكمل منه أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه التي بين جنبيه، يبذلها فداء له في حياته، كما قرأنا عن أبي بكر الصديق، وكثير من الصحابة، (رضي الله عنهم) الذين عرضوا أنفسهم للأخطار حماية لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الكفار.
وإذا كنا في هذه العصور لا نملك الدفاع عن ذات الرسول صلى الله عليه وسلم برهانا على كمال حبه، فإننا نملك الذب عن سنته، وحماية دينه، والدفاع عن شريعته والعمل على طريقته والتمسك بكل ما جاء به وطاعته، فإن نحن فعلنا ذلك كنا محبين على الحقيقة، وإلا كنا مدعين بألسنتنا أمرا لم تواطئه قلوبنا، فالمحب الذي يخذل حبيبه كاذب في حبه، والمحب الذي يعصي حبيبه كاذب في حبه، والمحب غير المكترث بصفات حبيبه كاذب في حبه، والمحب المضيع لهدية حبيبه وذكراه كاذب في حبه، مهما بكى أو تباكى، ومهما أظهر اللوعة والوجد، ومهما تحرق شوقا إلى قبره، ومهما سعى إلى زيارته.
هذا هو ميزان الحب ومقياس الإيمان، فلينظر كل منا موضعه، وليزن نفسه، وليصلح المقصر من شأنه، حتى يكون جديرا بحبه، حريا بشفاعته صلى الله عليه وسلم، جعلنا الله من أحبابه، ومن خدمة سنته، إنه سميع مجيب.