للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[(٦٧) باب تحريم الجنة على قاتل نفسه]

١٩٣ - عن شيبان قال: سمعت الحسن يقول: "إن رجلا ممن كان قبلكم خرجت به قرحة. فلما آذته انتزع سهما من كنانته. فنكأها. فلم يرقأ الدم حتى مات. قال ربكم: قد حرمت عليه الجنة". ثم مد يده إلى المسجد فقال: إي والله لقد حدثني بهذا الحديث جندب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد.

١٩٤ - عن الحسن قال: حدثنا جندب بن عبد الله البجلي في هذا المسجد. فما نسينا. وما نخشى أن يكون جندب كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "خرج برجل فيمن كان قبلكم خراج" فذكر نحوه.

-[المعنى العام]-

حذر صلى الله عليه وسلم من قتل النفس تحذيرا مؤكدا، وكرر هذا التحذير في صور مختلفة، وفي مناسبات متعددة: مرة بالتحديث العام "من قتل نفسه بحديدة ... " إلخ.

ومرة باستغلال ظروف الجهاد الذي يظن أنه ميدان الجنة، ليبين أن هذا العمل الإسلامي الكبير لا يغطي جريرة قتل النفس، ومرة بذكر حادثة وقعت في بني إسرائيل ليؤكد أن هذه المعصية ليست كبيرة في ديننا وحده، بل مما توافقت الشرائع السابقة على تغليظها. يقص صلى الله عليه وسلم أن رجلا من الأمم السابقة أصابته جراحة في يده، فأهمل وقايتها وعلاجها فتقيحت، وأصبحت قرحة مليئة بالصديد والجراثيم، وأخذ ألمها يزداد ووجعها يشتد، حتى ضعفت قوة الرجل وعزيمته أمام عذابها، فقرر أن يتخلص من الحياة كلها ليستريح من آلام قرحته، وما حسب حسابا لما سيلاقيه من عذاب دائم بدل العذاب المؤقت، ومن نار جهنم التي لا يقرب من آلامها الجراح الدنيوية مهما بلغت قسوتها وصعوبتها.

فتح جعبة سهامه، وأخرج منها سهما ماضيا، ونخس القرحة نخسة شديدة لعله يفجر شريان يده، فآلمه السهم ولم ينفجر الشريان، فأخذ سكينا مرهفا، ليسرع بالمهمة ويحقق القصد، وفي لحظة كشط القرحة ونفذ إلى الشريان الذي قذف بدمه، ولم يحاول أن يكتم المنفذ، أو يسد ما فتح، بل ترك الدم يسيل حتى مات.

<<  <  ج: ص:  >  >>