فقال الله تعالى لملائكته: بادرني عبدي، وتعجل الموت، وقتل نفسه، ولم يصبر على بلائي، ولم يرض بقضائي، أشهدكم أني حرمت عليه الجنة.
ألا فليعلم من يضيق بالحياة ونوائبها، ومن يحاول التخلص بالانتحار من متاعبها، أن بعد الحياة حياة، وأنه سينقل من حالة إلى حالة أشد، وسيركب طبقا عن طبق وهولا بعد هول، فليتحمل ساعة الألم، وليذكر كم سعد بالصحة والراحة سنين، وليحمد الله على السراء والضراء، وليسأله العفو والعافية في الدنيا، فإنه بعباده - جل شأنه- أرحم الراحمين.
-[المباحث العربية]-
(سمعت الحسن) البصري.
(إن رجلا ممن كان قبلكم) قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسم هذا الرجل.
(خرجت به قرحة) بفتح القاف وإسكان الراء، واحدة القروح وهي حبات تخرج في بدن الإنسان، وفي الرواية الثانية "خرج برجل فيمن كان قبلكم خراج" وهو بضم الخاء وتخفيف الراء: القرحة، وفي رواية البخاري "رجل به جرح" بضم الجيم وسكون الراء، وجمع الحافظ ابن حجر بينها فقال: كأنه كان به جرح ثم صار قرحة، ودلت رواية البخاري على أن الجرح كان في يده.
(فلما آذته) أي آلمته إيلاما شديدا لم يصبر عليه، وفي رواية البخاري "فجزع".
(انتزع سهما من كنانته) بكسر الكاف هي جعبة النشاب، سميت كنانة لأنها تكن السهام، أي تسترها.
(فنكأها) بالنون والهمز. أي نخسها وخرقها وفتحها، وفي رواية البخاري:"فأخذ سكينا فخز بها يده" وجمع بين الروايتين باجتماع أن يكون قد فجر الجرح بذبابة السهم فلم ينفعه، فخز موضعه بالسكين.
(فلم يرقأ الدم) أي لم يقطع. يقال: رقأ الدم والدمع يرقأ مثل ركع يركع، إذا سكن وانقطع.
(ثم مد يده إلى المسجد. فقال) هذه الجملة من كلام "شيبان" الراوي عن الحسن. والمعنى قال شيبان: بعد أن حدث الحسن بهذا الحديث مد يده مشيرا إلى مسجد البصرة فقال.
(إي والله)"إي" حرف جواب بمعنى نعم، تسبق القسم.
(لقد حدثني بهذا الحديث جندب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد) فجندب حدث الحسن بهذا الحديث في مسجد البصرة، والحسن حدث شيبان به في نفس المسجد، وفائدة ذكر المكان التوثيق بالرواية، والإشعار بكمال الضبط.