(فما نسينا) ما حدثنا به الحسن، أشار بذلك إلى تحققه مما حدث به، وقرب عهده به واستمرار ذكره له.
-[فقه الحديث]-
لما كان أهل السنة يقولون: إن المؤمن العاصي لا تحرم عليه الجنة. كان عليهم أن يجيبوا عن قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: "قال ربكم قد حرمت عليه الجنة" وقد أجابوا عن ذلك من أوجه:
١ - أنه كان قد استحل ذلك الفعل، فصار كافرا، والكافر تحرم عليه الجنة.
٢ - أن المراد أن الجنة حرمت عليه في وقت ما، كالوقت الذي يدخل فيه السابقون، أو الوقت الذي يعذب فيه الموحدون في النار ثم يخرجون. والمعنى حرمت عليه الجنة فترة من الزمن.
٣ - أن المراد جنة معينة كالفردوس مثلا، فـ "أل" في الجنة للعهد.
٤ - أن الرجل كان كافرا في الأصل، وعوقب بهذه المعصية زيادة على كفره، وهذا الرأي بعيد، وبعده واضح.
٥ - أن ذلك ورد على سبيل التغليظ والتخويف وظاهره غير مراد.
٦ - أن التقدير: حرمت عليه الجنة إن شئت استمرار ذلك.
٧ - قال النووي: يحتمل أن يكون ذلك شرع من مضى، وأن أصحاب الكبائر يكفرون بفعلها.
ذكر هذه الوجوه الحافظ ابن حجر في الفتح، وزاد النووي نقلا عن القاضي عياض: أنه يحتمل أن تحرم عليه الجنة ويحبس في الأعراف. وهذا التوجيه الأخير لا يتمشى مع مذهب أهل السنة القائلين بدخول جميع الموحدين الجنة.
وأقرب التوجيهات للقبول هو التوجيه الثاني، وأن تحريم الجنة تحريم مؤقت، وليس في الحديث بجميع رواياته ما يدل على تأبيد تحريمها عليه.
قال النووي: ثم إن هذا محمول على أنه نكأها استعجالا للموت أو لغير مصلحة، فإنه لو كان على طريق المداواة التي يغلب على الظن نفعها لم يكن حراما. اهـ.
ورواية البخاري صريحة في أنه فعل ذلك استعجالا للموت، ونصها" فجزع، فأخذ سكينا فخز بها يده، فما رقأ الدم حتى مات، قال الله عز وجل: بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة".
وقد استشكل قوله "بادرني عبدي" في رواية البخاري، لأنه يقتضي أن يكون من قتل فقد مات قبل أجله، لما يوهمه سياق الحديث من أنه لو لم يقتل نفسه لتأخر موته عن ذلك الوقت وعاش، لكنه