٣٦٣٦ - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا يمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره" قال: ثم يقول أبو هريرة: ما لي أراكم عنها معرضين والله لأرمين بها بين أكتافكم.
-[المعنى العام]-
كانت جدر البيوت سميكة، وفي بنائها مشقة وتكلفة على كثيرين، لا يطيقونها، مع الحاجة إليها لوضع السقف عليها، واستخدام جدار بيت الجار في أن يوضع عليه جذع جاره لا يضره، بل يفيده غالبًا، ويقوي جداره، ويربطه بجدار آخر، على أن يكون الغرز لا يضر بمالك الجدار، في هذه الحالة يكون الإذن بغرز الخشبة مكرمة وتعاونًا ومساعدة دون كلفة أو ضرر. وكلما كان المسلمون عاملين بذلك كان التآلف والتكافل والتواد قائمًا بينهم، وكلما عز أو انعدم وجود هذا التعاون كان دليلاً على ضعف إيمانهم، مصداقًا لقوله صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}[الحشر: ٩].
-[المباحث العربية]-
(لا يمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبة) قال القاضي: رويناه في صحيح مسلم وغيره من الأصول والمصنفات بالإفراد "خشبة" وبالجمع المضاف إلى الضمير "خشبه".
(ما لي أراكم عنها معرضين) أي معرضين عن هذه السنة، غير عاملين بها؟ أو معرضين عن كلماتي هذه وعظاتي، غير مهتمين بها؟ والخطاب من أبي هريرة لمن معه من الصحابة والتابعين. وفي رواية أبي داود "فنكسوا رءوسهم فقال: "ما لي أراكم أعرضتم" مما يرشح المعنى الثاني.
(والله لأرمين بها بين أكتافكم) هو بالتاء، أي بينكم، وقد رواه بعض رواة الموطأ "أكنافكم" بالنون، والكنف الجانب، فمعناه أيضا بينكم، والمعنى إني أصرح بها بينكم، وأوجعكم بالتقريع، وألزمكم الحجة.