٤٣٢٨ - عن سلمان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان".
-[المعنى العام]-
يقول الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون}[آل عمران: ٢٠٠] والرباط وحراسة المسلمين من أعدائهم مهمة لا تقل عن الجهاد والقتال، بل إن النتيجة لها أعظم غالبا من الجهاد، فقد قيل: الوقاية خير من العلاج، ثم إن تعرض المرابط للخطر أشد من تعرضه للقتال، فكثيرا ما يكون المرابطون قلة عددا وعدة عن العدو، وهو هدف محصور في مواجهته، من هنا كان الترغيب فيه بثواب أعظم، فالمجاهد الغازي كالقائم الليل الصائم النهار من حين يخرج إلى حين يعود، فيومه بصيام يوم، وليلته بقيام ليلة، أما المرابط فيومه بصيام شهر، وليلته بقيام ليالي شهر، بل المرابط يضاف إلى عمله بعد موته استمرارية أجر المرابط ما شاء الله، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
-[المباحث العربية]-
(رباط يوم وليلة) أي في سبيل الله، كما جاء في بعض الروايات، والرباط بكسر الراء وتخفيف الباء ملازمة المكان الذي بين المسلمين والكفار، لحراسة المسلمين منهم، قال ابن التين: بشرط أن يكون في غير الوطن، قاله ابن حبيب عن مالك، ورده الحافظ ابن حجر، وقال: قد يكون في الوطن إذا نوى بالإقامة فيه دفع العدو، ومن ثم اختار كثير من السلف سكنى الثغور، فبين المرابطة والحراسة عموم وخصوص وجهي، يجتمعان فيمن يقف في الوطن على حدوده مثلا لدفع العدو، وينفرد الرباط فيمن أقام خارج وطنه لحراسة وطنه من العدو، وتنفرد الحراسة بالوقوف في الوطن للحراسة من الإخلال بالأمن من أهله. قال ابن قتيبة: وأصل الرباط أن يربط هؤلاء خيلهم، وهؤلاء خيلهم، استعدادا