٣٩٧ - عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الطهور شطر الإيمان. والحمد لله تملأ الميزان. وسبحان الله والحمد لله تملآن (أو تملأ) ما بين السموات والأرض. والصلاة نور. والصدقة برهان. والصبر ضياء. والقرآن حجة لك أو عليك. كل الناس يغدو. فبائع نفسه. فمعتقها أو موبقها".
-[المعنى العام]-
شاء الله للإسلام أن يكون دين الطهارة والنظافة، فجعل النظافة من الإيمان، والطهور شطر الإيمان، ومثل الوضوء للصلاة وتنظيف الظاهر والباطن بنهر يجري بباب أحدنا يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، فلا يبقى من درنه شيئا، شاء الله للإسلام أن يكون دين طهارة الظاهر والباطن بما شرع من شرائع وعبادات، فحمد الله وتسبيحه وذكره والثناء عليه يرطب اللسان، ويجلي صدأ القلوب، كلمات خفيفة على اللسان، ثقيلة في الميزان، والصلاة تنور البصيرة وتزكي الأعضاء، وتنهي عن الفحشاء والمنكر، وتحيط صاحبها بملائكة الرحمة، وتحوطه بعناية الله تعالى، والصدقة تطهر المال، وتزكي النفس من البخل والشح وتنقيها من الأثرة والأنانية وحب الذات، والصدقة برهان على صدق الإيمان باليوم الآخر، ودليل على حب الخير للناس، وصدق الله العظيم حيث يقول {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها}[التوبة: ١٠٣] والصبر طهارة للعقيدة من الاعتراض على القضاء، ونور للنفوس في ظلمات نوائب الدهر ونوازل الزمان، وصدق الله العظيم حيث يقول {وبشر الصابرين* الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون* أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}[البقرة: ١٥٥ - ١٥٧].
والقرآن الكريم طهارة في ذاته {لا يمسه إلا المطهرون}[الواقعة: ٧٩] طهارة لقارئه وسامعه وللعامل به، وشاهد صدق يرفع صاحبه يوم القيامة.
تلك مثل من طهارة الإسلام وشرائعه، وكل الناس يتحرك ويسعى، لكن منهم من يستفيد من سعيه، ويبني آخرته بحركة دنياه، ومنهم من يشقى بسعيه ويهدم آخرته بلذات فانية في دنياه، وصدق الله العظيم حيث يقول {إن سعيكم لشتى* فأما من أعطى واتقى* وصدق بالحسنى* فسنيسره لليسرى* وأما من بخل واستغنى* وكذب بالحسنى* فسنيسره للعسرى* وما يغني عنه ماله إذا تردى* إن علينا للهدى* وإن لنا للآخرة والأولى}[الليل: ٤ - ١٣].