٢٩٠٧ - عن عائشة رضي الله عنها؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار، من يوم عرفة. وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة. فيقول: ما أراد هؤلاء؟ ".
-[المعنى العام]-
لله في خلقه شئون، يفضل بعض الأماكن على بعض، ويفضل بعض الآدميين على بعض، ويفضل بعض الأزمنة على بعض، ومعنى تفضيل الزمان والمكان تفضيل ما يقع فيه من أعمال البر والخير على مثيلاتها حين تقع في المكان أو الزمان المفضول، وبمعنى آخر زيادة فضل الله ورحمته التي تغمر المطيعين في الزمان أو المكان المفضل عنها في الزمان والمكان المفضول، ويوم عرفة يوم يجتمع فيه الحجاج شعثاً غبراً، يرجون رحمة الله ويخافون عذابه، تركوا أموالهم وأولادهم وما خولهم الله وراء ظهورهم، ورفعوا أكفهم ضارعة إلى ربهم، يباهي بهم ملائكته، يقول ما يريد هؤلاء بوقوفهم هنا هكذا؟ يقولون يطيعونك ويعبدونك ويرجونك. فيقول هل رأوني؟ فيقولون لا، فيقول يعبدونني هكذا ولم يروني، فكيف إذا رأوني؟ أشهدكم يا ملائكتي أني غفرت لهم.
-[المباحث العربية]-
(ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة)"من يوم عرفة" جار ومجرور متعلق بأكثر، و"من أن يعتق الله فيه عبداً من النار" في موقع التمييز، و"من" في "ما من يوم" زائدة، والتقدير ليس يوم أكثر من يوم عرفة عتقاً من النار.
(وإنه ليدنو) قال النووي أي تدنو رحمته وكرامته، لا دنو مسافة ومماسة. قال القاضي يتأول فيه ما يتأول في حديث النزول إلى السماء الدنيا، وقد يريد دنو الملائكة إلى الأرض، أو إلى السماء بما ينزل معهم من الرحمة.
(ما أراد هؤلاء؟ ) الوقوف عند السؤال في هذه الرواية اختصار من الرواة، فقد بين مرادهم في رواية عبد الرزاق "هؤلاء عبادي جاءوني شعثاً غبراً، يرجون رحمتي، ويخافون عذابي، ولم يروني ... "