وفي يوم النحر وفي منى نادى أبو هريرة وعلي ومن كلفه أبو بكر لينادي معهما في الناس، كل في جهة ليسمعوا أكبر عدد ممكن ألا لا يحج البيت بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت بعد العام عريان.
-[المباحث العربية]-
(في الحجة التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم)"أمر" بفتح الهمزة وتشديد الميم المفتوحة، أي جعله أميراً عليها ليحج بالناس، وذلك سنة تسع من الهجرة.
(في رهط يؤذنون في الناس) أي بعثني في جملة رهط، والرهط من الرجال ما دون العشرة، لا يكون فيهم امرأة، ولا واحد له من لفظه، و"يؤذنون" أي يعلمون، فالمراد الأذان اللغوي، وضمير "يؤذنون" للرهط باعتبار المعنى، والمراد من الناس الحجاج، أو ما يعمهم ويعم الموجودين من أهل مكة وغيرهم.
-[فقه الحديث]-
قال النووي المراد بالمسجد الحرام في قوله تعالى {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا}[التوبة: ٢٨]. الحرم كله، فلا يمكن مشرك من دخول الحرم بحال، حتى لو جاء في رسالة، أو أمر مهم لا يمكن من الدخول، بل يخرج إليه من يقضي الأمر المتعلق به ولو دخل خفية ومرض ومات نبش وأخرج من الحرم. اهـ
قال العيني وكذلك لا يمكن أهل الذمة من الإقامة بعد ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب. وقال النووي وفي الحديث إبطال لما كانت الجاهلية عليه من الطواف بالبيت عراة، واستدل به أصحابنا وغيرهم على أن الطواف يشترط له ستر العورة. اهـ وبه قال مالك والشافعي وأحمد في رواية، وذهب أبو حنيفة وأحمد في رواية إلى أنه لو طاف عرياناً يجبر بدم.
قال النووي قال ابن شهاب وكان حميد بن عبد الرحمن يقول يوم النحر يوم الحج الأكبر من أجل حديث أبي هريرة رضي الله عنه ومعنى قول حميد بن عبد الرحمن إن الله تعالى قال {وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله}[التوبة: ٣]. ففعل أبو بكر وعلي وأبو هريرة هذا الأذان يوم النحر، فتعين أنه يوم الحج الأكبر ولأن معظم المناسك تقع فيه.
وبعبارة أخرى أن الله تعالى أمر بهذا الأذان يوم الحج الأكبر، فأذن به الصحابة يوم النحر، فدل على أنهم علموا أنه يوم الحج الأكبر المأمور بالأذان فيه. وهذا مذهب مالك والشافعي والجمهور. وقيل يوم الحج الأكبر هو يوم عرفة، لقوله صلى الله عليه وسلم:"الحج عرفة".
قال العلماء وقيل الحج الأكبر للاحتراز من الحج الأصغر، وهو العمرة.