٣٧٧٥ - عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي فرض الله".
-[المعنى العام]-
قلنا قبل بابين: إن الله تعالى شرع كفارة اليمين كعبادة مالية أو بدنية، إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.
وقلنا: إن الحالف إذا وجد خيرًا مما حلف عليه كان بين خيرين، عليه أن يقدم أحسنهما بالإنجاز، وهو غير المحلوف عليه، ويكفر عن يمينه، وبذلك يحصل على الخيرين معًا.
وهذا الحديث يعالج حالة من حالات التزمت والجهل، حين يظن الحالف أن الكفارة للحنث معصية، وأن تحقيق ما حلف عليه خير من الحنث مع الكفارة، ولو كان فيما حلف عليه ضرر له وللآخرين، وهذا فهم خاطئ، لأن الحنث مع الكفارة عبادة مطلوبة، ومقدمة ما لم يكن المحلوف عليه طاعة وعبادة أكبر منها، وصدق الله العظيم، حيث يقول {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم}[التحريم: ٢].
-[المباحث العربية]-
(لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله)"لأن" اللام المفتوحة في جواب القسم، و"أن" بفتح الهمزة وسكون النون الناصبة، و"يلج" بفتح الياء، وفتح اللام، وتشديد الجيم، من اللجاج، وهو الإصرار على الشيء، يقال: لج في الأمر، يلج بكسر اللام في المضارع، لجاجًا بفتح اللام ولجاجة، لازمه وأبي أن ينصرف عنه، وفي القرآن الكريم {ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون}[المؤمنون: ٧٥] والمعنى لأن يتمادى ويصر أحدكم على تنفيذ يمينه وتحقيق ما حلف عليه، وذكر الأهل ليس للاحتراز عن غيرهم، بل للتهيج والإثارة، والمسلمون جميعًا كالأهل.
(آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي فرض الله)"آثم" بهمزة ممدودة، أفعل تفضيل، أي أكثر إثمًا وذنبًا، وأصل أفعل التفضيل اشتراك أمرين في صفة، وزيادة أحدهما على الآخر