١٧٢ - عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ليس منا من ضرب الخدود. أو شق الجيوب. أو دعا بدعوى الجاهلية". هذا حديث يحيى وأما ابن نمير وأبو بكر فقالا "وشق ودعا" بغير ألف.
١٧٣ - عن الأعمش بهذا الإسناد وقالا "وشق ودعا".
-[المعنى العام]-
إن الله خلق الإنسان هلوعا، إذا مسه الشر جزوعا، وإذا مسه الخير منوعا، لكنه جل شأنه أمره أن يعالج هذه الطباع بما يتفق وقواعد الشريعة السمحة، ليكون له بذلك الأجر، أمره بالصبر عند البلاء، والاستسلام للقضاء، كما أمره بالشكر على السراء، والحمد على الرخاء. عند ذلك يكون مؤمنا كاملا، ويكون حاله خيرا كله، إن أصابه شر صبر فكان له بذلك الأجر، وعوضه الله خيرا، وإن أصابه خير شكر فكان له بذلك الأجر، وزاده الله فضلا.
أما الجزع والهلع، والقنوط والتسخط ومظاهر ذلك من لطم الخدود وشق الجيوب والتلفظ بما يغضب الله، فإنه لا يرد المصاب، ولا يغير الواقع ولا يخفف الآلام النفسية، بل يشعل نار الحزن والأسى، ويورث غضب الله وسخطه وعذابه.
روى البخاري: أن بنت النبي صلى الله عليه وسلم أرسلت إليه تقول: إن ابنا لي قبض، فائتنا. فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئ السلام ويقول: إن لله ما أخذ، ولله ما أعطى، وكل عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب.
هكذا يعلمنا الإسلام الإيمان بالله، والإيمان بالقدر خيره وشره. ولو آمنا بأن أموالنا وأولادنا وديعة عندنا، بل نحن في دنيانا وديعة يستردها الله متى شاء، ولا اعتراض على المالك عند استرداده وديعته، ولا حق لنا في الهلع على وديعة يأخذها صاحبها، لو آمنا بذلك، وعملنا بمقتضى هذا الإيمان، لكانت لنا البشرى، مصداقا لقوله تعالى:{وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}[البقرة: ١٥٥ - ١٥٧].