٧٤ - عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه (أو قال: لجاره) ما يحب لنفسه".
٧٥ - عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"والذي نفسي بيده! لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره (أو قال لأخيه) ما يحب لنفسه".
-[المعنى العام]-
إن الإيمان الكامل الذي وصل بالمؤمن إلى حب الله ورسوله، يدفعه حتما إلى أن يحب للمسلمين ما يحب لنفسه من خيري الدنيا والآخرة.
أما الذين يحقدون على إخوانهم المسلمين، أو يحسدونهم على ما آتاهم الله من فضله، أو يسعون لبخس إخوانهم والتعالي عليهم، فهم ضعاف الإيمان، حظهم منه في الآخرة قليل، مصداقا لقوله تعالى:{تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين}[القصص: ٨٣] إن الإيمان الكامل ينزع الغل والحقد والحسد من قلب صاحبه، ويملؤه برغبة الخير، وبحب المعروف للناس، فالإيمان محبة ومودة وإخاء ومجتمع إنساني فاضل كريم.
إن الحديث يعالج القلوب من هذه الأمراض الخبيثة، والقلوب إذا صلحت صلح الجسد كله، لأن الأعضاء آلات وجنود للقلوب، فإذا ما حل حب الخير للمسلم في قلب المسلم تحركت الجوارح لتنفيذ ميوله وتحقيق رغباته، فنطق اللسان بما فيه صلاحه والدفاع عنه، وامتدت اليد والرجل إلى ما يوصل النفع إليه، ذاك هدف الحديث، بناء مجتمع متآلف متعاون متراحم كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.
-[المباحث العربية]-
(لا يؤمن أحدكم) أي لا يؤمن إيمانا كاملا. أما أصل الإيمان فإنه يحصل لمن لم يحصل هذه الصفة. ونفي اسم الشيء على معنى نفي الكمال عنه مستفيض وكثير في كلام العرب، كقولهم: فلان ليس برجل أو ليس بإنسان.