٤٣١٨ - عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنية. وإنما لامرئ ما نوى. فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله" فهجرته إلى الله ورسوله. ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه".
-[المعنى العام]-
تطلق الأعمال على أعمال الجوارح والأعضاء الظاهرة، ومنها اللسان، وعلى أعمال القلوب، كالظن والحقد والحسد، والعزم والتصميم المقترن بالفعل، وهو المعروف بالنية، ولما كانت المسئولية البشرية تقع أولا وبالذات على الإرادة وتبييت النية، وسبق العزم والتصميم كان الحديث الشريف "إنما الأعمال بالنيات" أي كل عمل اختياري مرتبط بنية صاحبه.
إن الإنسان يتميز عن الحيوان بالعقل والتفكير، والعقل مناط التكليف الشرعي، فإذا اختل العقل بالجنون مثلا اختلالا كاملا، أو اختل جزئيا بالنوم مثلا، أو بالإغماء رفع التكليف ففي الحديث "رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ".
ومن هنا ارتبط العمل بالنية وبعمل العقل، فمن صلى لله تعالى ليس كمن صلى للناس، يرائيهم، فالله تعالى يقول {فويل للمصلين* الذين هم عن صلاتهم ساهون* الذين هم يراءون* ويمنعون الماعون}[الماعون: ٤ وما بعدها] وليس الفرق بين المنافقين في عباداتهم، وبين المؤمنين المخلصين لله في عبادتهم إلا النية والقصد، فكان المنافقون في الدرك الأسفل من النار، وكان المخلصون في عليين، لأن {المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا}[النساء: ١٤٢].
ويظهر أثر النية في الأعمال في الجهاد بصفة أكبر، حيث يقول صلى الله عليه وسلم "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله" أما الذين يقاتلون للمغنم فأجرهم المغنم ولا ثواب لهم، والذين يقاتلون ليقال شجعان فأجرهم دنيوي، فقد قيل، وفي هذه الحالات لا يكفر القتال ذنوبهم، ويؤخذون بها إلى النار.