٥٦١٤ - عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"تجدون الناس معادن. فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا. وتجدون من خير الناس في هذا الأمر، أكرههم له، قبل أن يقع فيه. وتجدون من شرار الناس ذا الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه".
٥٦١٥ - وفي رواية عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تجدون الناس معادن" بمثل حديث الزهري. غير أن في حديث أبي زرعة والأعرج:"تجدون من خير الناس في هذا الشأن، أشدهم له كراهية، حتى يقع فيه".
-[المعنى العام]-
لا شك أن الناس قديما وحديثا كالمعادن منها النفيس، ومنها الخسيس، منها ما يساوي الفلس، ومنها ما يساوي القنطار، والقبائل قبل الإسلام كانت معروفة الحسب والنسب، موزونة القدر والقيمة، فمن كان منها شريفا قبل إسلامه، فأسلم وتفقه اتصل شرفه وعلا قدره، وبقي في المسلمين شريفا مرموقا، كما كان بين الكافرين شريفا مرموقا، ومن كان شريفا في الكفر، فلم يسلم، فليس له بين المسلمين شرف ولا قدر، ومن كان غير شريف فأسلم وتفقه شرف بالإسلام وبالفقه، وكان شرفه أقل من شريف أسلم وتفقه في الدين، وهكذا يسلم الكافر على ما كان من خير له، ويستصحب معه ما قدم من مكارم الأخلاق، ومن سجايا الفضيلة والمعروف، كمن آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب، فإنه يؤتي أجره مرتين.
ومن خيار الناس من لا يسأل الإمارة، ولا يحرص عليها، فإن جاءته أعانه الله عليها.
ومن شرار الخلق المنافق، ذو الوجهين الذي يثير الفتنة بين الناس، ويأتي هؤلاء بوجه وقول، وهؤلاء بوجه وقول، والمعدن النفيس لا يجري وراء الإمارة لئلا يقع في مسئولياتها التي لا يقدر عليها، ولا يكون أبدا ذا وجهين ولا من المنافقين.