[(٦١٨) باب قربه صلى الله عليه وسلم من الناس، وتبركهم به، وتواضعه لهم]
٥٢٦٣ - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الغداة جاء خدم المدينة بآنيتهم فيها الماء، فما يؤتى بإناء إلا غمس يده فيها. فربما جاءوه في الغداة الباردة فيغمس يده فيها.
٥٢٦٤ - عن أنس رضي الله عنه قال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والحلاق يحلقه. وأطاف به أصحابه. فما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل.
٥٢٦٥ - عن أنس رضي الله عنه، أن امرأة كان في عقلها شيء. فقالت: يا رسول الله! إن لي إليك حاجة. فقال:"يا أم فلان، انظري أي السكك شئت. حتى أقضي لك حاجتك" فخلا معها في بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها.
-[المعنى العام]-
كان صلى الله عليه وسلم متواضعا، قريبا من الناس، يمشي بين أصحابه كواحد منهم، ويجلس بينهم لا يكاد يعرف عنهم، يدخل الداخل الغريب فيقول: أيكم محمد؟ يضع يده في يد رفيقه في الطريق، ويردف على ناقته هذا تارة، وهذا تارة، يأكل معهم من إناء واحد، ويشرب معهم من كوب واحد، بل كان يشرب بعد أن يشرب الناس، إذا صافح مسلما لم ينزع يده من يده حتى ينزع صاحبه، إذا طلب منه شيء أجاب، ولم يقل: لا، مهما شق عليه المطلب، لقد كان الصحابة يتبركون بالماء الذي يلامس أصابعه صلى الله عليه وسلم، فكانوا في الفجر يبعثون بمائهم في أوانيهم مع خدمهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليضع يده في مائهم، فما تذمر، ولا تكبر على الخدم، ولا رفض لهم مطلبهم، بل لم يتأفف، ولم يتضجر من برد الماء في شدة الشتاء.
ولقد كانوا يتبركون بالاحتفاظ بشعره صلى الله عليه وسلم، فإذا جاءه الحلاق أسرعوا إليه، يحيطون به، يتلقفون شعره قبل أن يسقط على الأرض، ويحتفظون بما يلتقطون من شعره تبركا به في بيوتهم.