[(١١١) باب لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول]
٣٩٨ - عن مصعب بن سعد، قال: دخل عبد الله بن عمر على ابن عامر يعوده وهو مريض. فقال: ألا تدعو الله لي، يا ابن عمر؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول وكنت على البصرة".
-[المعنى العام]-
عبد الله بن عامر هو ابن خال عثمان بن عفان، ولاه عثمان البصرة بعد أن عزل عنها أبا موسى الأشعري، وهو الذي افتتح خراسان، وأحرم من نيسابور شكرا لله تعالى، وجمع له عثمان ولاية فارس مع البصرة وهو ابن أربع وعشرين سنة، ولم يزل واليا لعثمان إلى أن قتل عثمان، ثم عقد له معاوية على البصرة، ثم عزله عنها، ومات قبل ابن الزبير بقليل، والحديث يحكي زيارة ابن عمر له في مرض وفاته، وكان ابن عامر يعرف فضل ابن عمر وصلاحه، ومن أجل ذلك حرص على استرضائه وطلب دعائه في وقت الشدة والفزع إلى الله تعالى، فقال: ألا تدعو الله لي يا ابن عمر؟ ورغم ما قيل من أن ابن عامر كان في ولايته سخيا كريما حليما، ورغم ما قيل من أنه هو الذي عمل السقايات بعرفة، فإن ابن عمر التقي الورع، الغيور على الحق والعدل كان يعتقد أن ابن عامر لم يسلم من الغلول، ولا من المال الحرام في ولايته وأن ما قام به من سخاء وكرم، ومن نفقة في الخير إنما كان مصدره حراما، وأن المال الحرام موبق لصاحبه ولو أنفق في الصدقات، وأنه لا ينجي صاحبه إلا رده إلى أصحابه، ومن هذه العقيدة أراد ابن عمر أن يوجه ابن عامر إلى اتخاذ أسباب النجاة، ولسان حاله يقول:
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها ... إن السفينة لا تجري على اليبس
وكأنه يقول: ماذا يفيدك دعائي لك وأنت مكبل بالمظالم؟ لقد أقمت زمنا طويلا واليا على البصرة، أكلت فيه المال الحرام، ولبست فيه ثوب الحرام، إن كنت تظن أنك تصدقت وأنك أنفقت في وجوه الخير، فاعلم أن ذلك غير نافعك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تقبل صدقة من غلول وخيانة، كما لا تقبل صلاة بغير طهارة، إن طهارة المال شرط لقبول إنفاقه كما أن طهارة البدن شرط لقبول الصلاة، فسدد وقارب قبل أن تطلب الدعاء.
وإذا كان ابن عمر قد بدا في هذا الموقف شديدا فإن الذي فعله كان شدة في الحق