٤١٣٣ - عن أبي موسى رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة، ونحن ستة نفر بيننا بعير نعتقبه. قال: فنقبت أقدامنا. فنقبت قدماي. وسقطت أظفاري. فكنا نلف على أرجلنا الخرق. فسميت غزوة ذات الرقاع لما كنا نعصب على أرجلنا من الخرق. قال أبو بردة: فحدث أبو موسى بهذا الحديث ثم كره ذلك. قال: كأنه كره أن يكون شيئا من عمله أفشاه. قال أبو أسامة: وزادني غير بريد والله يجزي به.
-[المعنى العام]-
وقعت الغزوات النبوية على مسافات بعيدة من المدينة، في الكثير منها، مع قلة في الظهر والركاب، ووعورة في الطريق، وتنكب الجبال والوديان، وضعف الحماية والوقاية من مشاق السفر.
وهذا الحديث يصور لنا صورة من هول ما لاقي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهذا أبو موسى الأشعري اليمني المولد والموطن، جاء مع وفد من أهله من اليمن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفوا بالأشعريين، وكان في غزوة خيبر، فأعلنوا إسلامهم، وانضمامهم إلى جيوش المسلمين، ويحدثنا عن غزوة اشترك فيها، تعرف بغزوة ذات الرقاع، فيقول: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في نحو سبعمائة من أصحابه، قاصدين غطفان في نجد، وقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم جمعوا جموعا لحربه، فقرر مبادرتهم قبل أن يبادروه، خرج أبو موسى يرافقه خمسة من الأشعريين الفقراء، لا يملكون إلا بعيرا واحدا، لا يعنيهم من يملكه منهم، فقد مدحهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالتعاون والتضامن والتكافل، فقال:"إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعامهم، جمعوا ما عندهم في إناء واحد، واقتسموه بالسوية، فهم مني، وأنا منهم".
وظهرت هذه الصورة التضامنية في سفرهم هذه الغزوة، فهم يتعاقبون على جمل واحد، يركب هذا قليلا ثم ينزل، ليركب الآخر مثله، حتى يركب آخرهم، فينزل ليركب أولهم، لم يكن الجمل لهزاله يتحمل اثنين، لهذا لم يردف أحدهما صاحبه، وهم الذين رقت قلوبهم، ولانت أحساسيسهم، ونتيجة هذا التصرف أن يمشي الواحد منهم خمسة أسداس الطريق، ويركب سدسه، والرمال محماة من حرارة الشمس، والحجارة متشعبة، تغوص شعبها في الأقدام، ولا نعل يملكون ولا حذاء، ساروا في البداية حفاة ساروا يوما، فانتفخت أقدامهم بفقاقيع مائية، انتهت بانفجارها، وفي اليوم الثاني تقيحت، وفي اليوم الثالث أكلت ما حول أظافر القدمين من لحم، فسقطت الأظافر، فكانوا من هذا يسيرون لا